للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك، ولم يكن له في خزائنه مال يصرفه عليهم، فطلب من أمّه وكانت تركية اسمها «قبيحة» لفرط جمالها (١٢٧) بين النساء فأبت عليه بالمال وسمحت بولدها وهو خليفة وكان معها مال عظيم، فاتفق الأتراك على خلعه، وركب معهم / صالح بن وصيف، ومحمد ابن بغا (١٢٨) التركي، وأتوا إلى دار الخلافة وهجموا على المعتز، وجرّوه برجله وأوقفوه في الشمس، وعذّبوه حتى خلع نفسه (١٢٩) وأدخلوه الحمّام ومنعوه شرب الماء حتى مات عطشا (١٣٠).

[المهتدي بالله]

وأحضروا (١٣١) أبا عبد الله محمد بن الواثق بن المعتصم، ولقّبوه المهتدي بالله، وبايعوه بالخلافة لليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين (١٣٢) وله بضع وثلاثون سنة (١٣٣).

وصار صالح بن وصيف إلى قبيحة أمّ المعتز وعذّبها حتى أخذ منها ألف ألف دينار ذهبا، ونصف أردب (١٣٤) لؤلؤ ومثله زمرّد وسدسه ياقوتا أحمر ثم خرجت إلى مكة فأقامت بها إلى أن ماتت (١٣٥) وقلّل الناس الترحّم عليها حيث ظهر عليها هذا المال، وشحّت به على ولدها (١٣٦).

وكان المهتدي بالله كثير العبادة، ليس له من الأمر شيء، وكان قد طرّح الملاهي، ومنع الظلمة من الظلم، فاتّفق الأتراك على خلعه، وركبوا إلى داره فخرج


(١٢٧) سمّاها المتوكل، الكامل ٧/ ٢٠٠.
(١٢٨) في ت: «باغور» وفي ط: «باغر» والمثبت من الطبري ٩/ ٣٨٩.
(١٢٩) خلع نفسه لثلاث بقين من رجب سنة ٢٥٥ هـ - ٨٦٨ م الطبري ٩/ ٣٨٩ مروج الذهب ٤/ ٨١.
(١٣٠) عن هذه الأخبار أنظر الكامل ٧/ ١٩٥ - ١٩٦ والطبري ٩/ ٣٨٩ - ٣٩٠. قال: «أدخلوه سردابا وأطبقوا عليه بابه فأصبح ميتا وكانت وفاته لليلتين خلتا من شعبان سنة ٢٥٥ هـ ‍».
(١٣١) تمّت بيعته قبل موت المعتز كما أشرنا.
(١٣٢) ٣ أوت ٨٦٩ م.
(١٣٣) «وله يومئذ سبع وثلاثون سنة، وقيل تسع وثلاثون سنة» مروج الذهب ٤/ ٩٦.
(١٣٤) الأردب بكيل القاهرة: ٦ ويبات.
(١٣٥) أنظر الكامل ٧/ ١٩٩ - ٢٠٠ والطبري ٩/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(١٣٦) من استنتاج المؤلف.