للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا شيخنا أبو عبد الله سيدي محمد الدّرناوي، فكان - رحمه الله - انتقل أوّلا لمصر، فأخذ عن الشّيخ إبراهيم شعيب التّونسي وغيره، ثمّ قدم لصفاقس فأقام بالمدرسة ملازما لصحبة الشّيخ سيدي طيّب الشّرفي، ثمّ انتقل لتونس وصحب الشيخ أبا عبد الله محمد الشّحمي، وتزوّج بها، وتولّى مدرّسا بجامع الزيتونة، وانتقل لمذهب أبي حنيفة بعد أن كان مالكيا، وتولّى مشيخة المدرسة المرادية، وكان مكفوف البصر، ثمّ رجع لدرنة (٣٨١) وطنه وبها كانت وفاته.

ترجمة الشّيخ عبد الرّحمان بكّار:

وأمّا الشيخ أبو زيد السيد الحسيب النسيب الشّريف سيدي عبد الرّحمان بكّار فقد أخذ عن الشيخ سيدي طيّب (٣٨٢) وشيخنا الأومي، ثمّ انتقل بعد ما تمكّن من مذهب مالك وغيره من علوم الدين معقولا ومنقولا إلى القسطنطينية (٣٨٣) فتفقّه على فقهائها بمذهب أبي حنيفة ثمّ انتقل إلى مصر فاجتمع بعلماء المغرب والمشرق وأخذ علوم الفريقين وخلاصة المذهبين، فصار عمدة محقّقا ثبتا مدقّقا متفنّنا، أديبا شاعرا مجيدا فصيحا بليغا، ذو حظ وافر من المنطق والأصلين، فقيه، محدّث، مفسّر، أما العربية بأنواعها فهو إمامها، عارف بأيّام النّاس والسّير / والمغازي، حسن السّياسة والأدب، وساعة التاريخ هو شيخ رواق المغاربة بالجامع الأزهر (٣٨٤).

وله عدّة تآليف وشعره شائع ذائع معروف في غاية الجودة والبلاغة، إمتدح النّاس مغربا ومشرقا، وأجيز على ذلك الجوائز الوافرة، وهو ممّن جاور الجامع الأزهر لأخذ العلم وتعليمه للمسلمين لا شغل له سوى ذلك، أعانه الله على ما أولاه وبلّغه من الدارين ما يتمنّاه (٣٨٥).


(٣٨١) بطبرق في ليبيا.
(٣٨٢) الشرفي.
(٣٨٣) ودخل كرسي مملكة الروم فأكرم وانسلخ عن هيئة المغاربة، ولبس ملابس المشارقة مثل التاج والفراجة وغيرهما وأثرى: تاريخ الجبرتي ٢/ ١٦٩ - ١٧٠.
(٣٨٤) بعد وفاة الشيخ عبد الرحمان البناني (نسبة إلى بنان من قرى المنستير) نفس المرجع.
(٣٨٥) مات بالقاهرة سنة ١٢٠٩/ ١٧٩٤ - ١٧٩٥: أنظر تاريخ الجبرتي ٢/ ١٦٩ - ١٧٠، دار الجيل بيروت ١٩٧٨، (ط.٢).