للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قسنطينة وما جاورها]

ومنها في الشرق إلى مدينة قسنطينة الهواء (٢٧٥) ثمانية عشر ميلا، ويصل بينهما جبل، والطريق به.

ومدينة قسنطينة عامرة، وبها أسواق وتجارات (٢٧٦)، وأهلها مياسير ذووا أموال وأحوال واسعة، ومعاملات للعرب ومشاركة في الحرث والادّخار، والحنطة تقيم بها في مطاميرها مائة سنة لا تفسد، والعسل بها كثير وكذلك السمن، يتجهّز بهما إلى سائر البلاد.

وقسنطينة على قطعة جبل منقطع مربّع فيه بعض استدارة لا يتوصّل إليه من مكان إلا من جهة باب في غربيها ليس بكثير السعة، وهناك مقابر أهلها حيث يدفنون موتاهم، ومع المقابر أيضا بناء قائم من بناء الروم الأوّل، وبه قصر قد تهدّم كلّه إلا قليل منه، وبه دار ملعب من بناء الروم / شبيه بملعب ثرمة (٢٧٧) من بلاد صقلية.

وقسنطينة يحيط بها الوادي من جميع جهاتها كالعقد مستديرا بها، وليس للمدينة من داخلها سور يعلو أكثر من نصف قامة إلا من جهة القنطرة فإنه من أعجب البناءات (٢٧٨) لأن علوّها يشف على مائة ذراع [بالذراع] (٢٧٩) الرشاشي، وهي من بناء الروم قسيّ [عليا] (٢٨٠) على قسى سفلى، وعددها في سعة الوادي خمس، والماء يدخل على ثلاث منها ممّا يلي جانب الغرب، وهي كما وصفت قوس على قوس، والقوس الأولى يجري بها الماء أسفل الوادي (والقوس الأخرى) (٢٨١) فوقها وعلى ظهرها المشي والجواز إلى البر الثاني، وباقي القوسين اللتين من جهة المدينة فإنما هما مفردتان عن الجبل، وبين كل قوسين أرجل تدفع مضرة الماء ومصادرته عند حمله بسيوله، وعلى رقاب الأرجل قسيّ فارغة كالبنات صغار، فربّما زاد الماء في بعض الأوقات عند سيله فعلا الأرجل ومر في تلك الفرجات (٢٨٢)، وهي من أعجب ما رئي من البناء.


(٢٧٥) في الأصول: «الهوى» والمثبت من ن. م.
(٢٧٦) في نزهة المشتاق: «تجار».
(٢٧٧) كذا في ط ونزهة المشتاق، في ش: «تمرمة»، وفي ت: ساقطة.
(٢٧٨) حذف وتغير المعنى شيئا، والمحذوف هو: «وللمدينة بابان».
(٢٧٩) اضافة من ن. م. ص: ٩٥.
(٢٨٠) ساقطة في كل الأصول.
(٢٨١) في الأصول: «والقوس القصوا الجبل» والمثبت من ن. م.٩٥.
(٢٨٢) كذا في ش ونزهة المشتاق، في ت: «الفرنصات» وفي ط: «الفرضات».