للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في معالم الإيمان (٢٩٢): «وانقضت هذه الطبقة بعد الخمسمائة سنة (٢٩٣)، ولم يبق بالقيروان من له اعتناء بتاريخ لاستيلاء مفسدي الأعراب على إفريقية وتخريبها وإجلاء أهلها عنها إلى سائر بلاد المسلمين، وذهاب الشّرائع بعدم من ينصرها من الملوك إلى أن منّ الله تعالى على النّاس بظهور دولة الموحّدين فوضحت بها معالم الدّين وسبل الحقّ ورسوم الشّرع، فظهر بظهورها بإفريقية العلماء والصّلحاء» اهـ‍.

ترجمة الشّيخ أبي بكر الفرياني:

وقد تقدّمت قضيّة الشّيخ أبي الحسن الفرياني - رحمه الله ونفعنا به - وذكر ولده عمر - رحمه الله ونفعنا به والمسلمين ببركاته ورحمهم الله ورحمنا بهم -، ومن أنجال أبي الحسن الفرياني الفقيه النّبيه العارف بالله تعالى الشّيخ سيدي أبو بكر بن علي بن محمّد الفرياني شهر اللخمي، توفّي - رحمه الله تعالى - لثمان خلون من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة (٢٩٤)، وقبره مشهور ظاهر مزار، هو أول قبة تلاقيك من مقبرة صفاقس (٢٩٥)، وكان قبره اندثر لطول الزمان فتغطى بالتّراب فحفر النّاس قبرا لميت / فكشف القبر وعليه إسمه ناطق وتاريخه حسبما ذكرنا، وكم تحت التّراب من فضلاء محيت قبورهم وبقيت فضائلهم منشورة مسطورة.

ثمّ في حدود خمسين ومائة وألف قدم (٢٩٦) مركب به (٢٩٧) أناس غرباء يسألون عن أبي عبد الله سيدي محمّد الفرياني، وكان معلّم أطفال المسلمين وطبيبا للمرضى احتسابا لله تعالى، فدلّوا عليه فسئلوا عن سبب سؤالهم قالوا (٢٩٨): كنّا بالبحر وأصابنا نوّ كبير فأشفينا على الهلاك فاستغثنا الله ببركة رجاله الصّالحين، وإذا برجل معنا في المركب،


(٢٩٢) ٣/ ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٢٩٣) بعد ١١٠٦ هـ ‍. / ١٦٩٤ - ١٦٩٥ م.
(٢٩٤) ١٦ ماي ١١٦٠ م.
(٢٩٥) المقبرة شمال المدينة المسورة، قبالة باب الجبلي، وقبر أبي بكر الفرياني يقابل الخارج من هذا الباب، ونقلت المقبرة منذ سنوات إلى مكان آخر، وفي مكانها بدأت تهيئة أحياء جديدة لمدينة صفاقس عرفت على أمثلة التهيئة «بصفاقس الجديدة».
(٢٩٦) في الأصول: «قدمت».
(٢٩٧) في الأصول: «بها».
(٢٩٨) في الأصول: «فدل عليه فسئل عن سبب سؤاله قال».