للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حدود السنة المذكورة بعث السّلطان أبو فارس عسكرا صحبة قائد قسنطينة القائد «جاء الخير» إلى تلمسان لما بلغه عن صاحبها الأمير محمد ابن السّلطان أبي تاشفين من العتو والإستبداد، وقطع اسم السّلطان من الكتب والخطبة، وبعث معه السّلطان أبو محمد عبد الواحد الذي كان صاحبها، وكان قدم تونس بعد فراره بين يديه حين ملك تلمسان، فلما وصلوا وخرج الأمير محمد بجيشه، والتقى الجمعان فهزمهم، فسار أبو محمد عبد الواحد إلى الجبال، واستصرخ أعداءها، فأتى بها إلى تلمسان فملكها. / وبعث بيعتها للسّلطان بتونس وخرج ابن أبي تاشفين فارا بنفسه إلى الجبال.

ثم رجع (٣٨٢) ودخل على [عمه] (٣٨٣) أبي محمّد عبد الواحد فقتله وملك تلمسان، فسار السّلطان أبو فارس بعساكره حتى نزل على تلمسان وأخذ بمخنقها محاصرا لها أشدّ الحصار فلما علم ابن تاشفين أن لا قدرة له على القيام في البلد واشتدّ عليه الحصار خرج ليلا هاربا إلى جبل بني يزناسن (٣٨٤) وأصبح أهل البلد فاتحين الأبواب، فدخل السّلطان بمن معه وبعث القائد نبيل بن أبي قطاية في عسكر إلى الجبل وحاصره إلى أن طلبوا منه الأمان على أن يمكّنوه من الأمير محمّد، فأنزلوه إلى أبي فارس، فقبض عليه وقلّد البلد للأمير أحمد ابن السّلطان أبي حمّو موسى بن يوسف الزّياني، ورجع في عام خمسة وثلاثين وثمانمائة (٣٨٥) واعتقل ابن أبي تاشفين بقصبة تونس إلى أن هلك سنة أربعين (٣٨٦).

[نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم]

وفي عام خمسة وثلاثين وثمانمائة (٣٨٧) في العشر الأول من ذي الحجة نزل (طاغية النصارى ملك أرغون) (٣٨٨) القطلاني على جزيرة جربة في أمم لا تحصى، وكان أبو


(٣٨٢) أي محمد ابن السّلطان أبي تاشفين، اختصر المؤلف الأحداث، وقرنها ببعضها دون مراعاة فارق الزمن، فرجوع محمد بن تاشفين إلى تلمسان ثم خروج السّلطان الحفصي إليه كان في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
(٣٨٣) اكمال من تاريخ الدولتين للتوضيح.
(٣٨٤) في الأصول: «يزناش» وفي تاريخ الدولتين ص: ١٢٩: «يزناتن» والصواب ما أثبتنا.
(٣٨٥) ١٤٣١ - ١٤٣٢ م.
(٣٨٦) ١٤٣٦ م.
(٣٨٧) ١٤٣١ - ١٤٣٢ م.
(٣٨٨) في الأصول: «نزل رمي النّصارى رغون» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ١٢٩.