للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرار (٣٨٠) فلامه بعض أصحابه بقوله: ألم تر إلى أخيك ماكثا على الرّبوة الفلانية وإنّا لا نعلم بما اجتمعوا عليه فربّما إذا فررنا يصير لنا ما صار في فرارا الكاف مع أنّا ظفرنا بالبلاد، وما زالوا يقيمون عليه الحجج وقد قيّدته المقادير وجعل الله لكلّ شيء سببا.

فبينما هم كذلك إذ أقبل نحو علي باي خيل مسرعة فظنّ أنّهم أتوه بالبشارة فكانت بحضور أجله المحتوم، فما وصلوه إلاّ وقد بادروه بالبندق دفعة واحدة فأصيب وسقط عن فرسه فأجهز (٣٨١) عليه ونهبت محلّته، وقطع رؤوس بعض من أصحابه (٣٨٢)، وأرسلوا خلف محمّد باي في تلك السّاعة، وكسوه القفطان، وجددوا له البيعة العامّة، ثم قتل في اللّيلة الآتية أحمد شلبي خنقا برجب سنة سبع وتسعين وألف.

وفي أوائل شعبان (٣٨٣) توفّي الباشا محمّد الحفصي ببر الترك وأتي به لتربة آبائه.

[عود إلى أخبار محمد باي]

وجهّز محمّد باي العساكر الجزيرية بعد الثّناء والجزاء الحسن، وتوجّه لإصلاح (٣٨٤) البلاد وتطمين العباد، وقمع أهل الزيغ والفساد بالقتل والنّفي والإبعاد.

ثمّ أظهر أهل الحامة مخالفة أوامره، وكان بها أولاد سعيد، فجهّز لهم عسكرا (٣٨٥) في البحر وسافر هو في البرّ فأحاط بهم وقاتلهم إلى أن فتحها، ثم دخل الجريد آمنا مطمئنا منفرد الكلمة وأقبل لتونس آمنا مسرورا فبنى وشيّد بباردو (٣٨٦) زيادة على ما كان قبله.

ومآثره - رحمه الله - كثيرة، فبنى مدّة مقامه بالقيروان مسجدا عظيما ومدرسة جليلة / وبنى بعد ذلك قنطرة مجردة بالحثرمين (٣٨٧) واخترع فيها صنعا عظيما بجعل أبواب


(٣٨٠) قاصدا جهة منّوبة قبل أن يعلم شيئا: «أنظر الإتحاف ٢/ ٦٠».
(٣٨١) في ش وت: «فجهز»، وفي ط: «فجهر رأسه من عليه».
(٣٨٢) وذلك يوم الثلاثاء ٢٧ رجب سنة ١٠٩٧/ ١٩ جوان ١٦٨٦ م.
(٣٨٣) سنة ١٠٩٧ / أواخر جوان ١٦٨٦.
(٣٨٤) في ش: «لتصليح».
(٣٨٥) ساقطة من ط.
(٣٨٦) في الحلل: «واعتنى بقصور باردو، واخترع فيها غرائب التّفصيل. . .» ٢/ ٥٤٧.
(٣٨٧) كذا في ش، والحلل ٢/ ٥٤٩ وهي على طريق بلد طبربة. ذيل بشائر أهل الإيمان ١٠٣. وفي ت وط: «الحزمين».