للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثالث

في ذكر ثوار افريقية على الموحدين

[ثورة بني غانية]

وهم أولاد غانية (١) أبوهم إسحاق بن حمّو (٢) - بفتح الحاء بعدها ميم مشدّدة مضمومة ثم واو - بن علي الصنهاجي (٣) الملثّمي صاحب ميورقة ومالقة ويابسة، فلمّا توفي اسحاق سنة ثمانين وخمسمائة (٤) خلفه نجباء بنيه وهم أربعة: أبو عبد الله محمّد، وأبو الحسن علي، وأبو زكرياء يحيى، وأبو محمد عبد الله. فأما محمّد فانه توجّه بعد موت أبيه إلى الموحّدين بالأندلس فأعطوه مدينة دانية، وأحسنوا إليه غاية الإحسان، وأما عبد الله وهو أصغرهم فانه تملك ميورقة إلى سنة تسع وتسعين وخمسمائة (٥)، فجهز إليه النّاصر أسطولا في البحر نزل بساحة ميورقة، فبرز إليهم، وكان شجاعا كريما فعثر به فرسه فسقط إلى / الأرض، فقتلوه وعلّقوا جثّته على السّور (٦)، وحملوا رأسه إلى مرّاكش وأخذوا ميورقة، فبقيت بأيديهم إلى أن تغلّب الافرنج عليها في سنة سبع وعشرين وستمائة (٧)، وفعلوا فيها (٨) العظائم من القتل والأسر، وأما علي ويحيى فخرجا إلى افريقية وفعلا الأفعال العجيبة المشهورة بين النّاس من الحروب والعيث في البلاد، وكان خروجهم من ميورقة في شعبان سنة ثمانين وخمسمائة (٩) لما تولّى المنصور، واشتغل بقتال الأندلس ثلاث سنين، فوصلوا لبجاية في اثنتين وثلاثين قطعة على حين غفلة (وأهلها ومن


(١) وغانية اسم جدتهم، لأن جدهم يحيى، اذ زوّجه أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بامرأة من أهل بيته تسمى غانية. انظر تاريخ ابن خلدون، ١١/ ٣٦٠.
(٢) كذا في ط وفي ش: «حمود»، وفي المؤنس ص: ١١٩ وفي الحلل السندسية ٢/ ١٢٦: «حمدية».
(٣) المسوفي.
(٤) كذا في ط وكتاب العبر ٦/ ٣٩١.١١٨٤ - ١١٨٥ م.
(٥) ١٢٠٢ - ١٢٠٣ م.
(٦) أي على سور ميورقة. انظر المؤنس لابن أبي دينار ١١٩ - ١٢٠ والحلل السندسية ٢/ ١٢٧.
(٧) ١٢٢٩ - ١٢٣٠ م.
(٨) في ش: «بها».
(٩) ١١٨٤ - ١١٨٥ م.