للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولاّتها أيام الدّولة الحفصية:

ولمّا أفضت السّلطنة لأولاده الحفاصة بقيت الولاّة ترد على صفاقس من قبل الحفاصة إلى زمن أبي فارس فأرسل أخاه عمر على صفاقس فخالف عنه / فخرج له فافتكها منه حسبما مرّت الإشارة إليه.

قال في معالم الإيمان عند التّعرض لكرامات الشّيخ عبيد الغرياني نقلا عن الشّيخ المسراتي قال: حدّثني السّلطان أمير المؤمنين أبو فارس عبد العزيز قال: لمّا حاصرت أخي عمر بمدينة صفاقس ورد علينا ونحن نتعشّى فقلت له: باسم الله، قال: لا حتّى تشرب فرسي ويعلّق عليها علفها فأمر من أتى له بالماء وشربت قدامه وبالشّعير فعلّق عليها علفها بحضرته ودنا معنا فأكل ما تيسّر ثمّ قال: نعم يا سيدي أنتم أولاد مولانا أبي العبّاس أحمد فيكم الخير والبركة والشّفقة والرّحمة والرّأفة، وجئت أطلب من فضلك أن ترحم أخاك عمر فقلت له: يا سيدي لو كنت تعلم أنّ فيه مصلحة لخلق الله لأجبتك فيما طلبتني فيه وهو ممّن يخشى منه على النّاس وسكت أخواني فاستشهدت بهم فصدّقوني فقال: وأنا يا أخي ما جرى مني إلاّ خير، زرت قبر سيدي عيسى بن مسكين وتبرّكت به وقلت: اللهم بحقّك يا ربّ العالمين وبجاه سيدي عيسى بن مسكين أنصر أمير المؤمنين سلام عليكم، فكلّمناه في المبيت عندنا فقال: لا ومشى عند الفقيه إبن قليل الهم واعتقادي أنّه مقيم فسألته عنه من الغد، فقال: يرحمك الرّحمان ما أقام إلاّ يسيرا ومشى، ونحن في المجلس ولا لي في أهل صفاقس طميعة ولا لي معهم حديث وإذا هم بعثوا لي بأخذه وحلّ البلد، فكان كذلك فأنزلوه لي مكتوفا من فوق سور البلد / فهو أشار لبصر الله لي عليه اهـ‍.

إستقلال المكّني بها:

ثمّ توالت الولاة من الحفاصة إلى زمن الحسن، فلمّا اختلّ نظام ملكه، وخرج أكثر البلاد عليه كالقيروان والمهديّة وسوسة والحامّة، خرجت عليه صفاقس وكان القائم بها عليه أبو عبد الله محمّد المكّني مشدّد الكاف مضموم الأول، وكان رجلا من الشابيين (٥٦) نشأ في صغره نوتيا حتّى ترأس وصار يسافر في البحر رئيسا (٥٧).


(٥٦) نسبة إلى الطّريقة الشّابية الصّوفية.
(٥٧) أي ربانا.