للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطانته في عسكر اختارهم لذلك، فأجفل ابن اللحياني وجموعه عن تونس لخمس عشرة ليلة من نزولهم، ودخل البطرني اليها، وجاء السّلطان على أثره أيام عيد الفطر سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وجددت له البيعة بتونس، وهي المرة السابعة له كما قيل.

[طويل]

فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر

وفاة القاضي ابن قدّاح:

وفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة (١٧٨)، توفي القاضي ابن قدّاح، قال ابن عرفة (١٧٩): حدثني من أثق به قال: لما مات القاضي ابن قدّاح بتونس / قال أهل مجلس السّلطان أبي بكر في ولاية قاض فذكر بعض أهل المجلس الشّيخ ابن عبد السلام، فقال بعض أهل المجلس الكبار: إنه شديد الأمر ولا تطيقونه، فقال بعضهم: نستخبره، فدسّوا عليه رجلا من الموحدين كان جارا له يعرف «بابن ابراهيم» فقال له: هؤلاء امتنعوا من ولايتك لأنك شديد في الحكم، فقال: أنا أعرف الفوائد وأمشّيها، فحينئذ ولوه من عام أربعة وثلاثين وسبعمائة (١٨٠) إلى أن توفي عام تسعة وأربعين (١٨١). قال الشّيخ البرزلي في «تأليفه»: لعلّه إنما ذكر ذلك لأنه خاف أن يتولى من لا يصلح بوجه [فكان] (١٨٢) كلامه مانعا. وكان الشّيخ ابن عبد السلام عالما سيدا ساد بالعلم ورأس، واقتبس من الحضرة ما اقتبس، له التأليف المشهور الذي شرح به ابن الحاجب، وجمع بين القضاء والخطابة والتّدريس والفتوى، وكان يدرّس بمدرسة الشّماعين، ولما بنت أخت السّلطان مدرسة عنق الجمل طلبت من أخيها السّلطان أبي بكر أن يكون قاضي الجماعة ابن عبد السلام يدرّس بمدرستها فأسعفها بذلك، فكان يقسم الجمعة بين المدرستين، ثم إنها عزلته من مدرستها ونسبته إلى التفريط وقدمت عوضه أبا عبد الله بن سلامة (١٨٣).


(١٧٨) ١٣٣٣ - ١٣٣٤ م.
(١٧٩) محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الورغمي ولد بتونس (٧١٦ - ٨٠٣/ ١٣١٦ - ١٤٠١) شيخ الإسلام بالمغرب كان مقرئا فقيها منطقيا فرضيا نحويا، انظر مثلا محفوظ، تراجم المؤلفين التونسيين ٣/ ٣٦٣ - ٣٧١ وترجم له مقديش فيما يلي من نصه هذا.
(١٨٠) ١٣٣٣ - ١٣٣٤ م.
(١٨١) ١٣٤٨ - ١٣٤٩ م.
(١٨٢) في الأصول: «فوجه كلامه»، وهي غير ذات معنى والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٧١.
(١٨٣) وهو شيخ ابن عرفة له ترجمة بنيل الإبتهاج.