للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القادر بالله]

وأتي بأبي العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر، ولقبه «القادر بالله» (٢١٤) وبويع له بالخلافة لعشر مضين من رمضان (٢١٥) من ذلك العام، وكان على غاية من العبادة والدّيانة والصّيانة والفضل، صنّف كتابا في الردّ على القائلين بخلق القرآن، وأمر أن يقرأ في كلّ جمعة في حلق أصحاب الحديث [بجامع المهدي] (٢١٦) بحضرة الناس، وعدّه ابن الصلاح في كبار الشافعية وذكره في طبقاته، وطالت مدة خلافته حتى نيفت على إحدى وأربعين سنة وثلاثة أشهر [وعشرون يوما] (٢١٧) وتوفي - رحمه الله تعالى - سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة (٢١٨).

[القائم بأمر الله]

وولّي بعده بعهد منه ولده أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله، ولقّب «القائم بأمر الله» وكان خيّرا ديّنا، بويع له بالخلافة يوم موت أبيه بحضرة الإمام الكبير الولي الشهير، أبي إسحاق الشيرازي أحد أئمّة الشّافعية، وكان خير خلفاء بني العباس وصالحهم، ومن جملة صلاحه وبركته أن السّلطان ملك شاه من آل سبكتكين قصد أن يتحكّم عليه ويظهر له الحيف والخلف على الخليفة المذكور، فأرسل إليه وهو يقول: لا بدّ أن تترك لي بغداد، وتذهب إلى أيّ بلد شئت، فأرسل الخليفة إليه يتلطّف له في ذلك، فأبى إلاّ شدّة وغلظة، فقال لرسوله: اسأله / المهلة لي ولو شهرا، فأبى وقال: ولا ساعة، فأرسل إلى وزيره فاستمهله عشرة أيام فأمهله، فصار الخليفة يصوم النهار ويقوم الليل، ويتضرّع إلى الله سبحانه وتعالى، ويضع خدّه على التّراب ويناجي ربّ الأرباب، ويدعو على ملك شاه، فنفذ دعاؤه فهلك السلطان ملك شاه قبل مضي العشرة أيام، وكانت وفاة الخليفة القائم بأمر الله في [الثالث عشر من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة (٢١٩) وولّي


(٢١٤) ويعرف بالإمام القادر بالله، لمعرفته بأمور الدّين وتصنيفه كتابا على مذهب السنة.
(٢١٥) في الكامل: «دخل دار الخلافة ثاني عشر رمضان» ٩/ ٨١.
(٢١٦) ابن الأثير ٩/ ٤١٤.
(٢١٧) ابن الأثير ٩/ ٤١٤ - ٤١٥.
(٢١٨) ١٠٣٠ - ١٠٣١ م.
(٢١٩) ٣ أفريل ١٠٧٥ م أنظر الكامل ١٠/ ٩٦.