للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمواكبهم العامة، واحتجب بستارة عالية حتى لا يقع عليه نظر الجند قبل رفع الستارة، وحضر الجند من الأتراك والدّيلم، ووقف / أرباب المراتب صفين، ثم أذن لعضد الدولة فدخل، ثم رفعت الستارة وقبّل الأرض، ودخل رسول العزيز صاحب مصر فهاله ما رأى وارتاع وقال لعضد الدولة: هذا (٢٠٩) هو الله؟ فقال له: بل هو خليفة الله في أرضه ثم استمرّ عضد الدولة يمشي ويقبّل الأرض سبعا، فالتفت الطائع إلى خادمه المقرّب منه واسمه خالص وقال له: استدنه وقرّبه، فصعد عضد الدولة وقبّل الأرض دفعتين وقال له الطائع: أدن إلي، فدنا وقبّل رجله، فثنى الطائع يمينه عليه وأمره فجلس على كرسي وضع له قريبا من السّرير، فاستعفى عضد الدولة من ذلك، فأقسم عليه فجلس وقبّل الكرسي لمّا جلس عليه، فلمّا استقرّ جالسا قال له الطائع: قد فوّضت إليك ما وكّل الله إليّ من أمور الرعية في مشرق الأرض ومغربها فقال: يعينني الله على طاعة أمير المؤمنين وقبّل الأرض فأمر أن يفاض عليه سبع خلع فأفيضت عليه وهو يقبّل الأرض في كلّ واحدة، وانصرف فانصرف الناس خلفه وقد هالهم ما رأوه واستعظموا ما شاهدوه، وما كانت هذه العظمة إلاّ صورة صناعية لا حقيقة لها.

فإن السّلطنة لمّا آلت إلى أبي نصر (٢١٠)، ركب الطائع إليه وخلع عليه سبع خلع فأفيضت عليه، وطوّقه بطوق مجوهر وسوّره بسوارين ولقّبه «بهاء الدولة» و «ضياء الدولة» (٢١١) في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة (٢١٢). [وفي محرّم سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة] (٢١٣) جاء بهاء الدولة إلى الطائع / وقبّل الأرض بين يديه، وأمر خدّامه من الدّيلم فجذبوا الطائع من سريره ولفّوه في كساء وأمره بهاء الدولة أن يخلع نفسه ففعل.


(٢٠٩) في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص: ٤٠٨، أن قائل ذلك هو زياد القائد لا رسول العزيز صاحب مصر.
(٢١٠) بعد أن تولاها في العراق شرف الدولة أبو الفوارس شيرزيل بن عضد الدولة. ابن الأثير ٩/ ٦١.
(٢١١) الكامل ٩/ ٦٢.
(٢١٢) ٩٨٩ - ٩٩٠ م.
(٢١٣) إضافة للتوضيح، مارس ٩٩١ م.