للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الواثق]

فتولى بعده ولده أبو زكرياء يحيى الواثق، ولد سنة سبع وأربعين وستمائة (٨٣)، وبويع له ليلة مات أبوه فأصبح خليفة، وبايعه من بقي صبيحة تلك الليلة وذلك يوم الأحد الحادي عشر لذي الحجة عام خمسة وسبعين وستمائة (٨٤)، فكانت سيرته أحسن سيرة، وأخباره مع أولي الفضل مشهورة، جدّد ما اختل من جامع الزيتونة وغيره من المساجد، وسرّح أهل السجن، وأحرق أزمّة المظالم، وأحسن إلى الأجناد، إلاّ أنه كان لا يحسن القيام بأمر الخلافة، وتغلّب على دولته يحيى بن عبد الملك الغافقي المعروف بابن الحببّر (٨٥)، وكان لا يشتغل بأمر الملك بل بأمور غير مفيدة من البناء وأنواع الملابس واقتناء الأثاث، / فساء تدبيره الملك ولم يحسنه، فتلاشت الدّولة بسبب ذلك.

وفي سنة ست وسبعين (٨٦) أخذ سعيد بن يوسف بن أبي الحسين وأخذت منه أموال عظيمة، وكان المتولي تعذيبه خديمه عبد الرّحمان بن أبي الأعلام، فكان اذا اشتد به الألم يقول له: من أعان ظالما سلّطه الله عليه، ولمّا بلغ الخبر الواثق وهو بتونس منتبذ عن الحامية والبطانة (٨٧) وضعف أمر المملكة خلع نفسه وبايع لعمّه أبي اسحاق، وذلك يوم الأحد الثالث لربيع الثاني عام ثمانية وسبعين وستمائة (٨٨)، فكانت خلافته سنتين (٨٩) وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما: وقيل خلع نفسه لعمه يوم الجمعة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين وستمائة (٩٠).


(٨٣) ١٢٤٩ - ١٢٥٠ م.
(٨٤) ١٦ ماي ١٢٧٧ م.
(٨٥) في الأصول: «علي بن عبد الله الغافقي المعروف بالحمير» والتصويب من تاريخ الدولتين وتاريخ ابن خلدون ٦/ ٦٨٠ وغيرهما.
(٨٦) ١٢٧٧ - ١٢٧٨ م.
(٨٧) في الأصول: «الباطنة» وفي الكلام بتر صار به المعنى غير واضح وتمامه أن ابن الحببّر حمل الواثق على أن يكتب لعمه أبي حفص ووزيره ابن جامع يغري كل واحد منهما بصاحبه فتفاوضا واتفقا على الدعاء للأمير أبي اسحاق وبعثا إليه بذلك، ولما بلغ الخبر للواثق وهو بتونس منتبذ عن الحامية والبطانة أيقن بذهاب ملكه فخلع نفسه وبايع لعمه أبي اسحاق. أنظر تاريخ الدولتين ص: ٥٢.
(٨٨) ١٣ أوت ١٢٧٩ م.
(٨٩) في الأصول: «ثلاث سنين».
(٩٠) جوان ١٢٨٠ نقل المؤلف أخبار الواثق بن المستنصر باختصار من تاريخ الدولتين ص: ٤٠ - ٤٣.