للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندهم إمرأة مسجونة ففرّت لزاوية الشّيخ فاقتفاها وجذبها وردّها، فاتّفق في ذلك اليوم عرس لبعض أهل البلد، وكانت عادتهم أنّهم يخرجون سابع العرس مصطفّين من باب البحر، يدورون خارج البلد، ويدخلون من باب الجبلي، بعد ما يكون اجتماعهم بحومة العروسين (٦٣٠) وإلى الآن تسمّى بذلك الإسم (٦٣١)، فخرج / إبن نويرة من جملة رجال ذلك العرس، وكانت معه بندقية فصرّخها، فانكسرت في يده، ورجع عليه منها قطعة فمات منها، وكان في ذلك الوقت رجل واقف بباب ضريح الشّيخ يقرأ فاتحة الكتاب على عادة المارّين بالشّيخ إبتغاء البركة، فسمع صوت بندقية من قبر الشّيخ، فوقعت له دهشة، فبينما هو كذلك إذ مرّ به أناس يتحدّثون بأنّ إبن نويرة إنكسرت في يده بندقية ومات بها، فأخبرهم بما سمع والله تعالى أعلم.

وقد ألّف الشّيخ أبو الحسن (٦٣٢) - رحمه الله تعالى - كتابا في ذكر كرامات أجداده واستوفى ما أمكنه، فمن أراد استقصاء كرامات الشّيخ فليرجع إليه ففيه مقنع والله أعلم.

ترجمة الشّيخ عمر الكرّاي:

ولمّا مات الشّيخ الكرّاي قام مقامه ولده سيدي عمر الكراي، وسار إلى السّلطان الحفصي، فلقيه وزيره وفرح به، فأعلمه بوفاة الشّيخ، وأنّه يريد الإجتماع بالسّلطان.

(فدخل إلى السّلطان) (٦٣٣) وأعلمه بموت الشّيخ وأنّ ولده يريد الإجتماع بك، وقال له:

كنت سمعت أن سيدي عليا قال: عمر أعلى منّي درجة، فخرج وقابل سيدي عمر بالإجلال، وقضى له مآربه.


(٦٣٠) هذه العادة زالت.
(٦٣١) حومة العروسين ما زالت على مقربة من الجامع الكبير في هضبة مرتفعة يرقى إليها بدرج إلاّ أنها تنخفض شيئا فشيئا حتى إذا وقع الوصول إلى الحومة لم يبق من الإرتفاع إلاّ ما لا بال له، على أنها يبدو ارتفاعها القليل بالنسبة لما جاورها من الأنهج، وكانت - وما زالت بعض البقايا - حومة الدهانين الذين يزخرفون الأخشاب من صناديق ومرافع. . .
(٦٣٢) هو الكراي من سلالة الشيخ علي الكراي.
(٦٣٣) ما بين القوسين ساقط من ط وب.