للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إشترى بما معه من الأموال كتبا (فلمّا قدم على والده حسب أنّه قدم ببضائع التجارة الفانية فنزل بخزنة كتب) (٨٤٠) لا غير، فقال: يا بني أين تجارتك؟ قال له: هذه الكتب (هي تجارتي) (٨٤١)، فغضب عليه وقال: أفقرتني وأتلفت علي أموالي، فاشتكى لشيخه من والده، فاستحضر الوالد وقال: لم غضبت من التّجارة الرّابحة الباقية، طيّب قلبك وابشر بالغنى (٨٤٢) فإن شراء الكتب يورث الغنى (٨٤٢) فهذه تجارة الآخرة حصلت ويعوّضك الله بتجارة الدنيا، ودعا له ولذريته بالسّتر والبركة فاستجاب الله له، وعوّض الله عليه المال، وبقيت الكتب إلى الآن ينتفع بها الخلق، وستره الله وذرّيته إلى الآن - أدام الله ستره علينا وعليهم وعلى جميع المسلمين -.

وكان الشّيخ الغراب - رحمه الله تعالى - عدلا فاضلا محبّبا (٨٤٣) عند جميع النّاس لا يذكره الخلق إلاّ بحسن الثناء، وكانت ولادته سنة أربع وسبعين وألف (٨٤٤)، ووفاته بربيع الآخر سنة خمس وثلاثين ومائة وألف (٨٤٥) وكان ذا عفّة حتّى إنّه لم يشرب من ماء النّاصرية (٨٤٦) ويقول: هو حبس على فقراء المسلمين.

ترجمة الشّيخ أبي عبد الله محمّد المكّي:

وأمّا الشّيخ أبو عبد الله محمّد المكّي فكان رجلا صالحا كثير الإعتقاد في أهل الخير، خاليا من أدواء (٨٤٧) النّفس، فقيها محدّثا مقرئا، وكان أكثر اشتغاله بعلوم القاراءات وأكثر من انتفع به أهل قابس لكثرة تردّده وإقامته عندهم، ونشأ (٨٤٨) فقيرا يتيما، حدّث عن نفسه قال: كنت أنسخ كلّ ما أقرأ، فحسدني أقراني المياسير وكانوا قادرين على اشتراء الكتب وقالوا لي: / الذي ينسخ يتعسر عليه العلم لاشتغال قلبه


(٨٤٠) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٨٤١) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٨٤٢) في الأصول: «الغنا».
(٨٤٣) في ت وب: «محبا»، وفي ط: «محبوبا».
(٨٤٤) ١٦٦٣ م.
(٨٤٥) ١٧٢٢ - ١٧٢٣ م.
(٨٤٦) جملة من المواجل خارج سور المدينة كما وقعت الإشارة.
(٨٤٧) ج داء، وفي ب: «أدراء»، ومعناها طبقا لتاج العروس ١/ ٦٤ الإعوجاج.
(٨٤٨) ساقطة من ط.