للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا توفّي الشّيخ أبو إسحاق وجد في رقعة (٢٠١) معه، تحت قطعة الحصير الذي تحته، مكتوب بخطّه: رجل وقف به هاتف فقال له: حسّن عملك فقد دنا أجلك.

قال ولده عبد الرّحمان: كان الشّيخ إذا قصّر في العمل أخرج هذه الرّقعة فنظر إليها ثمّ ردها ورجع إلى الجدّ فيما هو فيه من العبادة.

وما وجد له من الدّنيا قليل ولا كثير إلاّ أمداد شعير في قلّة مكسورة، والحجرة التي كان يسكنها لولده أبي الطّاهر إشتراها بثلاثة دنانير، وما كان له على وجه الأرض [شيء] (٢٠٢) يورث (٢٠٣).

[ترجمة الأديب عبد الله الجبنياني]

وكان ولده أبو الطاهر صالحا فاضلا ولأبي الطاهر ولد يسمّى عبد الله (٢٠٤)، كان أديبا شاعرا، ظريفا، ذكره إبن رشيق في الأنموذج، وأخبر أنّ صفاقس موطنه وأنّ بها منشؤه، وكانت له نباهة ولطافة في جميع أحواله مع نزاهة نفس وعلو همة، قال:

واجتمعت به في صفاقس فكنت أقطع الغربة بقربه، ثمّ انفصلت إلى الحضرة فلم يكن إلاّ قليل حتّى اجتاز علينا متوجّها إلى الأندلس، فسألته عن سبب ذلك، فأخبرني أنّ عليه دينا ثقيلا قد إستغرق ذمّته وأنشدني لنفسه وهو يتمايل وكان / متعلّق (٢٠٥) القلب بجارية له أم ولد تركها بموضعه.

[وافر]

سأضرب في بلاد النّاس برّا ... وبحرا بالسّفائن والرّكاب

إلى أن تنكر الأحباب منّي (٢٠٦) ... ثوابّي بالمغارب واغترابي (٢٠٧)

لأكسب ثروة وأفيد مالا ... وأبلي عذر نفسي في الطّلاب


(٢٠١) في المناقب: «رق».
(٢٠٢) إضافة من المناقب، ص: ٦٩.
(٢٠٣) إنتهى نقله من المناقب، ص: ٢ - ٦٩.
(٢٠٤) ما يتعلّق بعبد الله نقله من رحلة التجاني ص: ٨١ - ٨٢. الحلل السّندسيّة (نقلا عن التجاني) ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٢٠٥) في ط: «معلق».
(٢٠٦) في الأصول: «منا»، والتّصويب من الرّحلة.
(٢٠٧) في الأصول: «الاغتراب».