للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها]

وملك تونس وأعمالها أبو الحسن المريني، ودخل تونس ثامن جمادى الآخرة من السنة المذكورة، ودخل معه ابن تافراجين، وأعطاه فرسه مسرّجا ملجّما، ودخل معه حجر القصر ومساكن الخلفاء، فطاف عليها، ودخل من القصبة إلى الرياض المتصلة (٢٢٤) برأس الطّابية، فطاف على بستانه، وخرج منه إلى عسكره، وأنزل يحيى ابن سليمان بقصبة تونس بعسكره لحمايتها، ثم صرف للبلاد المغربية ولاتها، ورحل بعد مدة إلى القيروان، فزار من بها من الصّالحين / والعلماء، ثم إلى سوسة والمهدية ووقف على آثار ملوك الشّيعة وصنهاجة، ومرّ بقصر الجم ورباط المنستير، وانكفأ راجعا إلى تونس، فحلّ بها غرة رمضان من العام المذكور، ولما استوثق له ملك افريقية منع العرب من البلاد التي ملكوها بالإقطاعات، فوجسوا لذلك وتربّصوا به الدوائر وأغاروا بعض الأيام في ضواحي تونس، فاستاقوا (٢٢٥) الظهر الذي كان للسّلطان في مراعيها، وتوقّعوا بأسه ووفد عليه أيام الفطر خالد بن حمزة وأخوه أحمد من أولاد أبي اللّيل، وخليفة بن عبد الله بن مسكين، وخليفة بن أبي زيد بن حكيم، وساءت ظنونهم في السّلطان، فداخلوا عبد الواحد بن اللّحياني في الخروج على السّلطان، فقبض أربعتهم لما بلغه الخبر، وأحضرهم مع عبد الواحد فأنكروا وبهتوا، ثم وبّخهم واعتقلهم، فبلغ الخبر إلى أحيائهم وانطلقوا يحزّبون الأحزاب، وينظرون فيمن يقيم الملك، وكان أولاد مهلهل أمثالهم (٢٢٦) وعديلة حملهم، قد أيأسهم السّلطان من القبول لما بالغوا في نصيحة أبي حفص، فلحقوا (٢٢٧) بالقفر، ودخلوا الرّمل، فركب قتيبة (٢٢٨) بن حمزة وأمه ومعهم صغار (٢٢٩) منادين لأولاد مهلهل بالعصبيّة، فأجابوهم، واجتمعوا بقسطيلية (٢٣٠)، وتواهبوا الدماء وتوامروا فيمن ينصبوه للأمر، وكان بتوزر أحمد بن عثمان بن أبي دبّوس آخر خلفاء بني عبد المؤمن وكان خيّاطا، فجاءوا به ونصبوه للأمر، وبايعوه على الموت،


(٢٢٤) في الأصول: «المتصل» وبعدها من تاريخ الدولتين «المدعوة برأس الطابية».
(٢٢٥) كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش: «استقاموا».
(٢٢٦) في تاريخ الدولتين: «اقتالهم» ولعل الصواب: أقيالهم.
(٢٢٧) كذا في ش وتاريخ الدولتين، وفي ط: «فلجوا».
(٢٢٨) في الأصول: «فتية»، والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٨٤.
(٢٢٩) في تاريخ الدولتين: «ظعائن ابنائهما».
(٢٣٠) في الأصول: «قسنطينة» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٨٤.