للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلف صاحب نفطة، فلقوه بوهران، وأتوه بيعتهم رغبة ورهبة، وأدوا بيعة ابن ثابت صاحب طرابلس، ولم يتخلف عنهم إلاّ لبعد داره، ثم جاء على أثرهم صاحب الزّاب يوسف بن منصور (٢١٨) ومعه مشيخة الذواودة وكبيرهم يعقوب بن علي فلقوه بأرض بجاية، فأوسع لكل تكرمة، وعقد لكل منهم على بلده وعمله، وبعث مع أهل الجريد حاميته للجباية والحماية لنظر مسعود بن ابراهيم (٢١٩) من وزرائه، ولما قدم لبجاية خرج له أميرها عبد الله محمد ابن الأمير أبي زكرياء، فأتاه طاعته، فصرفه إلى المغرب مع إخوته، وقدم على بجاية، وسار لقسنطينة، فخرج إليه بنو الأمير أبي عبد الله محمد ابن الأمير أبي بكر يقدمهم كبيرهم الأمير أبو زيد، فأتوه طاعتهم، فقبل منهم وصرفهم إلى المغرب وأنزلهم بوجدة وأقطعهم جبايتها، وأنزل قسنطينة أمراءه وعمّاله، وأطلق المعتقلين بها من المغاربة، وورد عليه هنالك بنو حمزة بن عمر ومشايخ قومهم الكعوب وأخبروه بفرار الأمير أبي حفص من تونس مع أولاد مهلهل، واستحثوه لاعتراضهم قبل فوتهم (٢٢٠)، فوجه السّلطان أبو الحسن في طلبه وزيره حمّو (٢٢١) في محلة كبيرة، وبعث [معه] (٢٢٢) أولاد أبي الليل، وسرّح عسكرا إلى تونس لنظر يحيى بن سليمان / من بني عسكر، ومعه أحمد بن مكّي، فسار حمّو ومن معه حتى أدركوا السّلطان أبا حفص ومن معه بأرض الحامّة من جهات قابس بموضع يسمّى المباركة بقرب جبل السّباع فصبحوهم، فدافعوا عن أنفسهم بعض الدّفاع، ثم انفضّوا، فقبض على السّلطان أبي حفص وعلى مولاه ظافر، وسيقا إلى الأمير حمّو، فاعتقلهما إلى الليل، فذبحهما وبعث برأسيهما إلى السّلطان أبي الحسن [المريني] فأدركه بباجة، وخلص الملأ إلى قابس، فقبض عبد الملك بن مكّي كبارا من رجال الدّولة منهم أبو القاسم ابن عبّو وصخر بن موسى وعلي بن منصور وغيرهم، فبعث بهم ابن مكّي إلى السّلطان أبي الحسن، فقطعهم من خلاف.

وكان مقتل السّلطان أبي حفص يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الأولى من سنة ثمان وأربعين وسبعمائة (٢٢٣) فكانت ولايته بتونس عشرة أشهر وخمسة وعشرين يوما، منها سبعة أيام لأخيه أحمد كما تقدم.


(٢١٨) «ابن مزني»: تاريخ الدولتين.
(٢١٩) «اليرساوي»: تاريخ الدولتين.
(٢٢٠) في تاريخ الدولتين: «قبل التحاقهم بالقفر».
(٢٢١) حمو العشري: تاريخ الدولتين ص: ٨٣.
(٢٢٢) اكمال من تاريخ الدولتين.
(٢٢٣) ٢٥ أوت ١٣٤٧ م.