للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخلص مجابي الجريد، ورجع إلى قابس، فأنزله عبد الملك بن مكي فصرف العساكر إلى الحضرة، وعمل على السفر إلى الحج، فتولى رئاسة الموحّدين بتونس أبو يعقوب بن يزدوتن، وتحوّل هو عن قابس إلى بعض جبالها خوفا من وخمها، وأقام في انتظار الرّكب. ثم انتقل إلى طرابلس، فأقام بها حولا ونصفا إلى أن وصل وفد التّرك من المغرب في آخر سنة ثمان، كانوا أتوا بهدية من صاحب مصر ليوسف المريني، فخرج معهم حاجا فقضى حجّه.

وفي يوم الثلاثاء الثالث عشر (١٤٢) لربيع الآخر سنة تسع وسبعمائة (١٤٣) توفي الأمير أبو عبد الله محمد أبو عصيدة، فكانت خلافته أربعة عشر عاما وثلاثة أشهر وسبعة عشر يوما (١٤٤) وكان في قائم حياته عقد عهدا مع الأمير أبي البقاء خالد صاحب قسنطينة وبجاية على أن أيّهما توفي قبل صاحبه أخذ صاحبه بلاده.

[أبو بكر الشهيد]

وكان السلطان خالد قد نزع إليه حمزة بن عمر بن أبي الليل يرغّبه في ملك الحضرة (١٤٥) واستنهضه اليها، فلما مرض السّلطان أبو عبد الله، وتحقّق ذلك الأمير خالد وهو ببجاية جدّ في / الحركة على تونس، وأظهر أنها للجزائر، ثم سار إلى قسنطينة وترك بها نائبا (١٤٦)، فلما قرب من تونس ونزل قصر جابر توفي الأمير أبو عبد الله أبو عصيدة فاجتمع الأشياخ وكبار الموحدين وتحدثوا هل يقع الوفاء بالعهد والشّرط المتقدم أو ينظرون من يبايعونه لأنفسهم فاتّفق رأيهم على مبايعة الأمير أبي يحيى أبي بكر المعروف بالشهيد ابن الأمير أبي زيد عبد الرحمان ابن الأمير أبي يحيى بن أبي بكر ابن السّلطان أبي زكرياء، فبويع يوم وفاة أبي عصيدة، وذلك يوم الثلاثاء الثالث عشر لربيع الآخر من سنة تسع وسبعمائة (١٤٧).


(١٤٢) في الأصول: «العاشر» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٥٨.
(١٤٣) ٢١ سبتمبر ١٣٠٩.
(١٤٤) عن الأمير أبي حفص عمر والأمير أبي عصيدة انظر تاريخ الدولتين ص: ٥٠ - ٥٨ واختصر المؤلف ما يتعلق بأبي حفص عمر.
(١٤٥) «عند اياسه من خروج أخيه من محبسه»، تاريخ الدولتين.
(١٤٦) هو الفقيه أبي الحسن علي بن عمر، تاريخ الدولتين ص: ٥٨.
(١٤٧) ٢٠ سبتمبر ١٣٠٩ م.