للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أردتم الخنق فاتركوني أتوضّأ، فتوضّأ وصلّى ركعتين وأخذ الحبل ووضعه في عنقه وأخرج محرمة من جيبه لربط يديه، ثمّ قال للنّصارى: إذا جذبتم فلا تريّحوا كالعادة ثمّ التفت للحاضرين وقال: سبحان الله! دخلت النّار خلف علي باي مرارا (٢٦٧) فانظروا بما كافأني، واشتغل بكلمة الشّهادة إلى أن فاضت روحه وكان صاحب / صدقات وإحسان فقدم على ما قدم.

الداي أحمد شلبي ودوره في

الفتنة بين الأخوين محمّد باي وعلي باي:

ولمّا رأى أحمد شلبي إبن المرحوم يوسف داي ما وقع بطاباق من غير جرم وكان إذ ذاك آغة القصبة خاف ثائرة علي باي وبطشه فأغلق (٢٦٨) باب القصبة عليه، فأرسل علي باي أخاه رمضان باي وخليفته القائد مراد وجماعة من صبايحية الترك فكسوه قفطان الولاية وبايعوه، فأضحى أحمد شلبي دايا في إثنين من شوّال سنة ثلاث وتسعين وألف (٢٦٩). فلمّا بويع أخذته رعشة فاختلج جميع جسده لقوّة شهامته وشجاعته.

فمن مآثره الحميدة النّاشئة عن شجاعته أنّه قدم مركبان (٢٧٠) من الجزائر غازيان (٢٧١) في سبيل الله فنزل بعض جندهما لتونس، ونزلوا بوكالة العطّارين، فمرّ إثنان منهم فمسكا غلاما من أطفال المسلمين للفاحشة، ومن الغد توجّها إلى مركبيهما (٢٧٢) بغار الملح فلمّا بلغه ذلك أرسل خلفهما لغار الملح من مسكهما في الطّريق، فلمّا وصلاه خنقهما وألقاهما ببطحاء القصبة. وكاتب حاكم الجزائر (٢٧٣) يقول له: إن بعضا من جندك تعدّى على أبناء المسلمين وصدر منه ما صدر، وقد فتكت به، وأنت كذلك إذا رأيت ما يوجب ذلك من عسكرنا فافعل كفعلنا.


(٢٦٧) ساقطة من ط.
(٢٦٨) في الأصول: «فغلق».
(٢٦٩) ٤ أكتوبر ١٦٨٢ م.
(٢٧٠) كذا في ط والحلل السّندسيّة ٢/ ٥٠٣، وفي ش وب وت: «مركبا»، وكلمة غازيين الّتي أتت للوصف تدلّ على أنّ الموصوف مركبين، والصّواب مركبان غازيان.
(٢٧١) في الأصول: «غازيين».
(٢٧٢) في الأصول: «مركبهما».
(٢٧٣) هو الحاج محمّد ميز مورتو: الحلل ٢/ ٥٠٣.