للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا استقر به الأمر أخرج طائفة [طاباق] (٢٧٤) من القصبة فنفى بعضهم وأبقى بعضا ساكنا بتونس، وأرى (٢٧٥) النّاس من هيبته ما أزعجهم.

وكان جهّز فرقاطة للجهاد في سبيل الله فأخذها عدوّ الدّين / وبلغه أنّ بعض معاهدي النّصارى أرسل من يخبر العدوّ بشأنها وضعفها فكان سبب خروجهم لأخذها، فعند ذلك جمع القسيسين بتونس وسجنهم وقال: لا ينجيكم من يدي إلاّ إرسالها (٢٧٦) فكان بينهم (٢٧٧) لجاج كبير، فأطال حبسهم حتّى جيء بها.

ومن سعادته أنّه جاءته غنيمة عظيمة كانت سببا لقيامه بأمره.

ثمّ إنّه لم يهن (٢٧٨) باطنه خوفا من بطش علي باي خصوصا وقد مشى أتباع علي باي بالعنف في النّاس، وطالت أيديهم بالجور، ولم يزجرهم سيّدهم، فاستباحوا بعض ما في أيدي النّاس.

ثمّ فسد ما بينه وبين علي باي بموجب أنّ رجلا من قبيلة ورشفّانة (٢٧٩) من أعراب طرابلس إسمه خليفة (٢٨٠) بن زايد كان له ولد في بلد راس الجبل بقرب غار الملح، فسمع إبنه بعرس مارّ على بابه فنزل وافتكّ البنت على رؤوس الإشهاد وفتك بها وأرسلها إلى أهلها، فجاؤوا مستغيثين رجالا ونساء لباب أحمد شلبي، فلما طرق سمعه هذا الخطب أرسل خلفه في الحين وسجنه، فجاء أبوه يتكلّم في شأنه فما التفت إليه، فأغلظ أبوه في الخطاب بحضرة الداي (٢٨١) إلى أن قال للدّاي: حكمي ليس تحت نظرك وإنّما هو تحت نظر صاحب البلد علي باي، فازداد الداي غضبا وأمر بخنق ولده من ساعته، فما ازداد الأب إلاّ إغلاظا (٢٨٢) في الخطاب فألحقه بابنه وألقاهما ببطحاء القصبة، فلمّا قرع هذا الواقع آذان أتباع علي باي ممّن كان بالمدينة ركبوا خفية ومن جملتهم / مصطفى


(٢٧٤) إضافة من الحلل ٢/ ٥٠٤.
(٢٧٥) كذا في ط وت والحلل، وفي ش وب: «رأى».
(٢٧٦) في الحلل: «إرجاعها».
(٢٧٧) في الأصول: «منهم» والتّصويب من الحلل ٢/ ٥٠٤.
(٢٧٨) في ش: «يحن».
(٢٧٩) وهي قبيلة بربرية متعرّبة ما زالت موجودة إلى الآن ومن الأقوال الشائعة عندنا: «السّلام عليكم يا أهل الجبّانة إذا ما فيكمش كيّال وإلاّ واحد من ورشفانة».
(٢٨٠) هذه القصة وردت في الحلل السّندسيّة ٢/ ٥٠٥ والإتحاف ٢/ ٥٧.
(٢٨١) في الحلل: «لما يعلم من مكانة أمثاله عند علي باي» ٢/ ٥٠٥.
(٢٨٢) في ش: «غلاظا».