للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبنيور (٢٨٣) فحكى للباي ما وقع (٢٨٤)، فامتلأ حقدا على أحمد شلبي فتجهّز في نحو خمسة وعشرين ألف عنان لما تبين له مخالفة أهل المدينة لقيامهم مع الداي ونزل بالحريرية، وسال الدّم من الفريقين، وحاصر تونس تسعة أيّام.

فلمّا اشتدّ الأمر بأحمد شلبي أرسل خفية لمحمّد باي بالقيروان، وعقد معه عهدا على القدوم عاجلا وأنّه يمكّنه (٢٨٥) البلاد، فأرسل إليه نجدة (٢٨٦)، فاشتدّ ساعد أحمد شلبي وقوي عزمه، فرحل علي باي من الحريرية، ونزل بقرب أريانة (٢٨٧) شرقي تونس، وشرع قومه في حرق الزّيتون وقتل عابر (٢٨٨) السّبيل وسلبه واستباحوا زروع المسلمين، وضيّعوا (٢٨٩) أحوال الفقراء والمساكين، واشتدّ الأمر على أهل المدينة، وقاتلها من ناحية نزوله.

وفي يوم الجمعة بين الصّلاتين (٢٩٠) خرج جمع عظيم من أهل تونس وشنّوا الغارة على إبل علي باي وكانت بالمرسى قرب سيدي أبي سعيد الباجي (٢٩١) - نفعنا الله به -، وكان في الغارة أولاد سعيد فجسروا على حرم الشّيخ، فبلغ الخبر لعلي باي فركب بمن معه والتقى الجمعان قرب باب الخضراء ولم يبق بالمدينة أحد لمحبّتهم لأخيه وكرههم فيه لجوره وعتوّ أتباعه، فعظمت الملحمة بين الفريقين، فكانت الهزيمة على أحمد شلبي، وتراجع النّاس وافترق الحرب.

وبعد يومين قدم محمّد باي لتونس، ووقع ديوان عظيم فحضر الباشا والداي وأكابر الدّيوان وأجلة العلماء والصّلحاء والخاصة والعامّة / وخلعوا على محمّد باي، وبويع في ذلك الجمع.

ومدّ أحمد شلبي يده لحواشي علي باي الّذين كانوا بتونس، ثمّ اشتغل محمّد باي بتجهيز العسكر لمقاتلة أخيه علي باي.


(٢٨٣) ويقال إسبنيول، وهي بالعامية: الإسباني.
(٢٨٤) ساقطة من ط.
(٢٨٥) في الحلل: «يملكه» ٢/ ٥٠٦.
(٢٨٦) في الحلل: «أرسل له نجدة فأخرى».
(٢٨٧) في ب وش: «ريانة».
(٢٨٨) في ش: «عابري».
(٢٨٩) في الحلل: «وضيقوا بأحوال».
(٢٩٠) أي صلاة الظّهر والعصر، وذلك أواخر ربيع الثّاني ١٠٩٣/ ٨ ماي ١٦٨٢ الحلل السّندسيّة ٢/ ٥٠٦.
(٢٩١) ويعرف هذا المكان بسيدي أبي سعيد وجبل المنار إذ يحتلّ المنار من ضواحي تونس الشّمالية.