للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعريف بالسّادة الوفائية:

فنقول: أصل السّادة الوفائية على ما ذكره المناوي في طبقاته: هو الشّيخ سيدي محمّد ابن محمّد وفاء، إسكندري الأصل، ويقال المغربي ثمّ المصري، الشاذلي الصّوفي، ذو الموشّحات التّوحيدية التي لم ينسج على منوالها أحد من البرية، وشيخ الخرقة الوفائية، وافر الجلال فائق الخلال، سار صوت صيته، واشتهر بنا تذكيره وتمكينه، ولد سنة إثنين وسبعمائة (٥٦٧)، واشتهر بوفاء لأنّه كان ينسج المناديل بالرّوضة ولا يعرف، فتوقّف النّيل، فتوضّأ وصلّى بالمقياس، فصار كلّما طلع من الفسقية درجة طلع البحر معه حتّى وفا (٥٦٨) ذلك اليوم، وألّف الكتب وهو أمّي، ولمّا دنت وفاته كان سيدي علي ولده حملا فخلع منطقته (٥٦٩) على الأبزاري بإسكندرية، وقال: هذه وديعة عندك لعلي حتى يبلغ، فعمل الأبزاري الموشحات النفيسة حتى كبر علي، فخلعها عليه، فلم يمكنه عمل بيت واحد بعد ذلك، وله كلام على طريقة القوم كثير / مدوّن. قال الشيخ الشعراني (٥٧٠):

كتاب الشعائر له، والمشاهد وعنقاء مغرب لابن عربي، وخلع النعلين لابن قيس، لا يكاد يفهم أكابر العلماء منها معنى مقصودا لقائله أصلا، بل خاص بمن دخل مع ذلك المتكلّم حضرة القدس فإنه لسان قدسي لا يعرفه إلاّ الملائكة أو من تجرّد عن هيكله من البشر وأهل الكشف، مات سنة ستّين وسبعمائة (٥٧١).

وأمّا سيدي وفاء ولده السّابق الذّكر فإنه ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة (٥٧٢) بالقاهرة ومات أبوه وهو طفل فنشأ هو وأخوه أحمد في كفالة وصيّهما الزّيعلي، فلمّا بلغ تسع عشرة سنة جلس مكان أبيه، وعمل الميعاد، وشاع ذكره وبعد صيته، فانتشرت أتباعه، وذكر بمزيد اليقظة وجودة الذّهن، والتّرقّي في الأدب والوعظ، ومعرفة تقرير كلام أهل الطّريقة. قال إبن حجر في إنباء الغمر (٥٧٣): كان يقظا حادّ الذهن، كثرت


(٥٦٧) ١٣٠٢ - ١٣٠٣ م.
(٥٦٨) يقصد بها: «انتهى».
(٥٦٩) في الأصول: «ناطقيته».
(٥٧٠) في ش وت وط: «الشعراوي».
(٥٧١) ١٣٥٨ - ١٣٥٩ م، أنظر شجرة النّور ١/ ٢٢٣، الطّبقات الكبرى للشّعراني ٢/ ٢١ - ٢٢.
(٥٧٢) ١٣٥٧ - ١٣٥٨ م.
(٥٧٣) في الأصول: «أنباء العبر»، والعنوان الكامل: «إنباء الغمر في أبناء العمر»، أنظر النّسخة المطبوعة منه ٣٠٢ - ٣٠٩.