للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتفق المؤرّخون على أنه لم يبق من بني هولاكو من يتحقّق نسبه لكثرة ما وقع فيهم من القتل غيرة على الملك ومن بقي طلب الإختفاء بنفسه، ولمّا توفي قبلاي ملك ابنه أرغون، وبعده ابنه قازان (٢٨٩). وستأتي بقية أخبارهم قريبا إن شاء الله تعالى.

والمقصود هنا بيان انقراض الدولة العبّاسية من بغداد على يد هذه الطائفة الخبيثة على أفظع الأحوال {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٢٩٠) {إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} (٢٩١).

وهذه الواقعة من أعظم / معجزات رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال في «شرح الصحائف» وروى أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - أن النبيء صلّى الله عليه وسلم قال: «ينزل أناس من أمتي بغائط يسمّونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر، يكثر أهلها ويكون من أمصار المسلمين، فإذا كان في آخر الزّمن جاء بنو قنطورا، عراض الوجوه، صغار الأعين، حتى ينزلوا على شطّ النهر، فيتفرّق أهلها ثلاثا، فرقة يأخذون أذناب البقر بالبرية وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم وهلكوا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشهداء» (٢٩٢) قال: وهذه صفة بغداد فإنها على شطّ دجلة وعليه الجسر، وتسمّى تلك النواحي غائط البصرة، وهي ما كانت زمان النبيء صلّى الله عليه وسلم بناها خلفاء بني العباس - رضي الله تعالى عنهم - وجاءهم من المشرق هولاكو بن تولي بن جنكز خان سنة ست وخمسين وستمائة هجرية (٢٩٣)، وعسكره على الوصف الذي وصفه النبيء صلّى الله عليه وسلم وتفرّق أهل بغداد ثلاث فرق كما قال صلّى الله عليه وسلم وهذا من أبين المعجزات اهـ‍.

[العباسيون بمصر]

وكانت مدة ملك بني العبّاس خمسمائة سنة وأربعة وعشرون سنة غير أربعة وثلاثين يوما، ولم ينج من بني العباس في هذه الوقعة إلاّ الفرد النادر منهم، أبو العباس أحمد بن


(٢٨٩) هذه السلسلة غير السلسلة التي قدّمها ابن خلدون.
(٢٩٠) سورة آل عمران: ١٧٣.
(٢٩١) سورة البقرة: ١٥٦.
(٢٩٢) رواه أبو داود في باب ذكر البصرة بشرح عون المعبود شرح سنن أبي داود للأبادي الجزء الحادي عشر ص: ٤١٧ عدد ٤٢٨٤ الحديث مع اختلاف يسير في الألفاظ.
(٢٩٣) ١٢٥٨ م. في الأصول «أربع وخمسين».