للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفائنه، ثم رمى رقاب أولاده دونه، وأمر أن يوضع الخليفة في غرارة وترفس إلى أن يموت، ففعل ذلك واستشهد - رحمه الله - يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ست وخمسين وستمائة (٢٨١)، وكانت القتلى من أهل بغداد ما ينيف على ألفي ألف وثلاثمائة ألف وثلاثين ألفا (٢٨٢) ممن قدّر الله له الشهادة من المؤمنين منهم ثلاثة عشر ألف فقيه وأقام القتل والنهب ببغداد نحو من ثمانين يوما، ثم أحضر هولاكو الوزير العلقمي وعاتبه وقال: يا خائن خنت أستاذك، لا يرجى منك صلاح، فقتله شرّ قتلة (٢٨٣).

ثم ان هولاكو أراد قلب الملّة الإسلامية إلى المجوسية، فتدارك الله عباده بلطفه، قال البيضاوي في «تاريخه» إن الله منّ على عباده المؤمنين ببركة سيد المرسلين، فألهم بعض أوليائه بفيض فضله أن يظهر من كرامات الأمة المحمدية عند هولاكو، منهم أبو يعقوب، ومحمد خوجة، ورنبدي (٢٨٤) - قدّس الله سرّهم - فوصلوا / حضرة هولاكو ودخلوا النّار وشربوا السّموم والنحاس المذاب، فلمّا عاين هولاكو الأمر كذلك رجع عن مذهب الكفر والزّندقة، وخاف من الأولياء وعظّم الملّة الإسلامية وأهلها وهلك من الكفرة المضلّة عند هولاكو من رهابين المجوس جماعة، لما دخلوا النار بأمر هولاكو فاحترقوا، وشربوا السموم فتمزّقوا، وهلك هولاكو بعلّة الصرع، فكان يعتريه في اليوم الواحد مرارا، فمرض ولم يزل ضعيفا نحو شهرين، وكانت وفاته في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وستمائة (٢٨٥) ببلد مراغة، وكان عمره نحو ستين سنة.

وخلّف من الأولاد سبعة عشر ذكورا، وتولّى الملك بعده ولده أبغا، وقيل أخوه قبلاي (٢٨٦) فامتدّت أيامه (٢٨٧) إلى أن توفي سنة خمس وتسعين وستمائة (٢٨٨)، وكان كرسيّ مملكته مدينة ماليق أم بلاد الخطأ، وكانت مدة ملك قبلاي اثنين وثلاثين سنة.


(٢٨١) ٢٠ فيفري ١٢٥٨ م.
(٢٨٢) في كتاب العبر: «ألف ألف وثلاثمائة ألف» ٥/ ١١٥٠.
(٢٨٣) «استبقى هولاكو ابن العلقمي على الوزارة. . . فبقي على ذلك مدة ثم اضطرب وقتله» كتاب العبر ٥/ ١١٥٠.
(٢٨٤) كذا في ش وت، في ط: «زبندي».
(٢٨٥) جانفي ١٢٦٥. وفي كتاب العبر: «اثنتين وستين» ٥/ ١١٥٤.
(٢٨٦) لم يذكر ابن خلدون هذا الإحتمال، وجعل أبغا خليفة هولاكو، ومات في سنة ٦٨١ هـ - ١٢٨٢ - ١٢٨٣ م، وخلفه أخوه تكدار، ثم خلف تكدار أرغو بن أبغا الخ. . . أنظر كتاب العبر ٥/ ١١٥٥ وما بعدها.
(٢٨٧) أي قبلاي كما نفهم من سياق الحديث، وهو عكس ما أثبته ابن خلدون كما أشرنا في الهامش السابق.
(٢٨٨) ١٢٩٥ م.