للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بئر ميمون بعث إلى الخشّابين وقال لهم: إن رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه، فجاؤوا ونصبوا له الخشب وكان جالسا بفناء الكعبة ورأسه في حجر الفضيل بن عياض، ورجلاه في حجر سفيان بن عيينة، فقيل له: يا أبا عبد الله قم واختف ولا تشمّت بنا الأعداء، فتقدّم إلى أستار الكعبة وأخذها وقال: برئت منه ان دخلها أبو جعفر المنصور، وعاد إلى مكانه فركب أبو جعفر المنصور من بئر ميمون، فلمّا كان بين الحجونين سقط عن فرسه فاندقت عنقه فمات (٥٦) سابع ذي الحجّة (٥٧) من التاريخ المتقدّم، فحفر له مائة قبر ودفنوه في أحدها ليعموا (٥٨) قبره.

[محمد المهدي]

وتولّى بعده ولده أبو موسى محمد المهدي، فكان - لمّا شبّ - أولاه أبوه طبرستان والريّ وما يليهما، فتأدّب وتميّز وجالس العلماء (٥٩) / وكان كريما وسيما شجاعا محبّا للعلماء، وكان يقول: أدخلوا عليّ العلماء والقضاة وأحضروهم عندي، فلو لم يكن من حضورهم إلاّ ردّ المظالم حياء منهم لكان فيه خير كثير وكان يكره الزّنادقة وقتل منهم خلقا كثيرا وأوصى ابنه الهادي (٦٠) بقتلهم حيث وجدهم، وكان مولده في جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين ومائة (٦١)، ومدّة ملكه عشر سنين وشهرا (٦٢)، وعاش ثلاث وأربعين سنة، ومات لثمان بقين من محرّم سنة تسع وستين ومائة (٦٣).


(٥٦) ذكر ابن الأثير روايات في كيفية موت المنصور ومنها موته بسقوطه عن دابته ودفنه ببئر ميمون بينما كان نازلا في آخر منزل بطريق مكة، ولم يتعرض ابن الأثير إلى خبر سفيان الثوري، الكامل ٦/ ٢٢. وذكر الطبري أنه صار إلى بئر ميمون ومات بمرض في بطنه، الطبري ٨/ ٦٠ وعن الثوري أنظر الطبري ٨/ ٥٨ وقصته تختلف عمّا أورده مقديش في كتابه.
(٥٧) ٨ أكتوبر.
(٥٨) في الكامل: «ليغموا» وهو تحريف. وذكر ابن الأثير أنه «دفن في غيرها» ٦/ ٢٢.
(٥٩) في ت: «وجالس العلماء كثيرا والقضاة».
(٦٠) موسى الهادي.
(٦١) مارس ٧٤٥ م.
(٦٢) في الأصول: «إحدى عشر سنة» والمثبت من الكامل ٦/ ٨٢ وغيره من المراجع، وزاد ابن الأثير: «وقيل عشر سنين وتسعة وأربعون يوما».
(٦٣) ٤ أوت ٧٨٥ م وذكر المسعودي: «لسبع بقين من شهر محرّم» ٣/ ٣٢٤.