للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعنة. وكانوا هم ثلاثة، وكانت بينهم امارة، فأمكنتهم الفرصة، فقال أحدهم:

دارت البوتقة فتواثبوا (١٨٧) وقصد (١٨٨) كلّ واحد منهم واحدا بسكاكينهم، / فأمّا الذي قصد الأمير يحيى فقال: أنا سرّاج، وكان يحيى جالسا على مصطبة فضربه فجاءت على رأسه (١٨٩)، فقطعت طاقات من العمامة، فلم تؤثّر في رأسه، وانجرت (١٩٠) يده بالسّكين على صدره فخدشته، وضربه يحيى برجله، فألقاه على ظهره (١٩١) فسمع الخدم الجلبة ففتحوا باب القصر من عندهم، فدخل يحيى وأغلق الباب دونهم، وكان زيّهم زيّ أهل الأندلس، فقتلوا وقتل في البلد جماعة ممّن كان على زيّهم، وخرج الأمير يحيى في الحال، وركب في البلد، وسكّن الفتنة، وتحقق نعته في كتاب الملاحم بالمغدور في هذه الواقعة.

وكان عادلا في دولته ضابطا لأمر رعيّته عارفا بدخله وخرجه، مدبّرا في جميع ذلك على ما يوجبه النّظر العقلي، وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسّير عارفا بها، رحيما للضعفاء شفيقا على الفقراء يطعمهم في الشّدائد ويرفق بهم، ويقرّب أهل العلم والفضل من نفسه، وساس العرب في بلاده فهابوه وانفكّت (١٩٢) أطماعهم، وكان له نظر حسن في صناعة النّجوم والأحكام، وتوفي يوم الأربعاء عيد النحر سنة تسع وخمسمائة (١٩٣) فجأة وكان ولده علي نائبا على صفاقس [فأحضر] وعقدت له الولاية، ودفن يحيى بالقصر على ما جرت به العادة، ثم نقل بعد سنة لقصر السّيدة بالمنستير، وخلّف ثلاثين ولدا ذكورا.

[علي بن يحيى وابنه الحسن]

وكانت ولادة علي بالمهديّة / صبيحة يوم (١٩٤) الأحد لخمس عشرة ليلة خلت من صفر سنة تسع وتسعين وأربعمائة (١٩٥)، وكان أبوه قد ولاّه صفاقس، فلمّا مات أبوه


(١٨٧) في ت وط: «فثبوا»، وفي ش: «فبئوا» والمثبت من الوفيات.
(١٨٨) في ت: «وثق» وفي ط وش: «فقد» والمثبت من الوفيات.
(١٨٩) في الوفيات: «على أم رأسه».
(١٩٠) في الوفيات: «أسترخت».
(١٩١) وفي البيان المغرب: «بقي يعاني جرحه حتى مات وقالا له حين جرحاه: أيها الكلب نحن أخواك فلان وفلان، نفيتنا وبقيت في الملك» ١/ ٣٠٥.
(١٩٢) في الوفيات: «انكفت».
(١٩٣) ٢٥ أفريل ١١١٦ م.
(١٩٤) في الأصول: «ليلة».
(١٩٥) ٢٧ أكتوبر ١١٠٥ م.