للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فينتسبون إليه بالباطل، وينسبون إليه أقاويل لا أصل لها، ويكفّرون من عاداهم {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ} (١٦١)، طغاة بغاة فجرة، ولمّا أظهر يحيى القرمطي الخروج، جهّز المكتفي له جيشا واستمرّ القتال بين الفريقين إلى أن قتل القرمطي، فقام بعده أخوه / الحسين القرمطي، وأظهر شامة في وجهه، وزعم أنها آيته، وظهر ابن عمّه عيسى بن مهرويه وتلقّب بالمدّثر، وزعم أنه المراد في السورة الشريفة القرآنية (١٦٢) ولقّب غلاما له «بالمطوّق بالنّور»، وتسمّى بأمير المؤمنين، وزعم أنه المهدي، ودعا لنفسه على المنابر، وأفسد بالشّام وعاث، فحوربوا وقتل الثلاثة وطيف برؤوسهم في البلاد سنة إحدى وتسعين ومائتين (١٦٣)، وخلف من بعدهم خلف ظهرت منهم مفاسد يأتي تفصيلها إن شاء الله.

وكانت مدّة خلافة (١٦٤) المكتفي تسعة أعوام ونصفا (١٦٥)، فلمّا أيقن بالموت سأل عن أخيه أبي الفضل جعفر بن المعتضد فقيل له: قد احتلم، فجعله وليّ عهده ولقّبه «المقتدر» وبويع له على أن يكون الخليفة بعده (١٦٦)، قال الصّولي: «سمعت المكتفي يقول في علّته التي مات فيها: والله ما أسفي إلاّ على سبعمائة ألف دينار صرفتها من بيت مال المسلمين في أبنية وعمارات لا أحتاج إليها» (١٦٧). ومن جملة مخلّفاته مائة ألف ألف دينار عينا، وأمتعة وعقارات وأوان، فمن جملة الأمتعة سبعون ألف ثوب ديباج، وكانت وفاته ليلة الأحد لاثنتي (١٦٨) عشرة ليلة خلت من ذي القعدة الحرام سنة خمس وتسعين ومائتين (١٦٩).

[المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي]

وولّي بعده أخوه أبو الفضل جعفر المقتدر بالله ابن المعتضد باستخلاف أخيه، بايعه الناس وعمره ثلاثة عشر عاما.


(١٦١) سورة آل عمران: ١٦٧.
(١٦٢) المدثر.
(١٦٣) أنظر الطبري ١٠/ ١٠٨.٩٠٣ - ٩٠٤ م.
(١٦٤) في الأصول «ملك».
(١٦٥) في مروج الذهب: «ست سنين وسبعة أشهر واثنين وعشرين يوما وقيل ست سنين وستة أشهر وستة عشر يوما على تباين الناس في تواريخهم» ٤/ ١٨٦، وفي الكامل: «ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوما».
(١٦٦) الكامل ٨/ ٨ - ٩.
(١٦٧) هنا ينتهي كلام الصولي، أنظر تاريخ الخلفاء للسيوطي ص: ٣٧٧.
(١٦٨) في مروج الذهب: «لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة».
(١٦٩) ١٣ أوت ٩٠٨ م.