للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر الشّيخ عبد اللّطيف بن بركات العربي في «الذخيرة السّنية» أنه اتفق عندنا بافريقية تغلب العدو - دمره الله تعالى - على حصن وهران فأخذه عام ثلاثة عشر وتسعمائة (٤٣٠)، ثم تغلّب أيضا على بجاية فأخذت في عام خمسة عشر وتسعمائة (٤٣١)، ثم تغلّب على طرابلس عام ستة عشر وتسعمائة (٤٣٢)، وتكالب العدو - دمّره الله / تعالى - على البلاد والعباد وعاث وأظهر الفساد، واغتر بقوته وصولته، واعتزّ بحوله وقوّته، ونزلوا جربة وبها شيخها الشّيخ يحيى بن سمومن (٤٣٣) الوهبي، وكان صاحب يقظة وحزم ونباهة وعزم، فهيّأ لهم الرّجال من الفرسان الأبطال، فلما حصل جميعهم بالجزيرة وانتشروا ورأوا أنها لهم كغيرها واغترّوا، أيد الله المسلمين بالنّصر والظّفر، ورزقهم الصّبر، فقتلوهم بكل بقعة وهزموهم هزيمة شنيعة، وعن اثني عشر ألف قتيل غير ما رمى البحر من فرائسهم ببلاد السّواحل، انجلت الوقيعة فحصل للمسلمين بالجزيرة من سلاحهم وأسلابهم عدد كثير، ومال غزير {فَالْحُكْمُ لِلّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (٤٣٤)، والعجب أنه مات من المسلمين ثلاثة عشر رجلا أو أربعة عشر.

وكذلك اتّفق للعدو - دمّره الله - بجزيرة قرقنة من بلاد السّاحل فانهم نزلوا بها مطمئنين وأرادوا أن يبنوا البناءات والحصون للقرار والسكنى، فكمن لهم المسلمون وصابحوهم فلا يرى منهم إلاّ صريع طريح، أو أسير جريح، أو قتيل تنسفه الريح.

ثم مات محمّد بن الحسن بعد أن ملك أزيد من ثلاثين سنة، فكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة (٤٣٥).

[الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية]

وتولّى بعده ولده الحسن بن محمد بن الحسن، بويع بعد موت أبيه بالتّاريخ المذكور ولما تولى رفع المكوس على الناس وأجرى عوائد جميلة وسار سيرة مرضيّة، ثم انقلبت أحواله فاضطربت عليه / البلاد، وخرجت عليه الحامّة، وخرجت عليه صفاقس فقام بها المكّني - كما يأتي إن شاء الله - وخرجت عليه سوسة، قام بها صهره


(٤٣٠) ١٥٠٧ - ١٥٠٨ م.
(٤٣١) ١٥٠٩ - ١٥١٠ م.
(٤٣٢) ١٥١٠ - ١٥١١ م.
(٤٣٣) في الأصول: «سمو بن».
(٤٣٤) سورة غافر: ١٢.
(٤٣٥) ١٥٢٥ - ١٥٢٦ م.