للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمة الشّيخ الأديب أبي الحسن علي الغراب:

ومن أجلّ أعيان أدباء صفاقس المتأخّرين المشهورين في عصرنا من شاع صيته مشرقا ومغربا، واتّفق على فضله وعلو مقامه بلاغة وأدبا، الشّيخ الأجلّ أبو الحسن علي البارع، شهر الغراب.

كان - رحمه الله - آية من آيات الله مؤيدا في نظمه ونثره واشتهر بذلك، وهو فقيه عدل ذو (٤٦٠) حظّ من علوم الحساب، والميقات، والمنطق، وأمّا علوم التّاريخ وأيّام النّاس وعلوم البلاغة فحدّث عن البحر ولا حرج، وأمّا تورياته وتشبيهاته واستعاراته وكناياته فأمر مشهور، ومن وقف على كلامه إعترف بفضله ونباهة شأنه، وألحقه بالشّعراء المجيدين المتقدمين.

وله ديوان كبير (٤٦١) وما في أيدي النّاس من كلامه يغني عنه لأنّ النّاس كان لهم إعتناء زائد بكلامه، فكلّما قال شيئا تلقّوه سرعة بالقبول، وشهد بفضله أولو الفضل / شرقا وغربا.

قال الشّيخ أبو القاسم الأديب المصري: لا أعلم أحدا في هذه الأعصار المتأخّرة أدرك شأو الغراب لا من المشارقة ولا من المغاربة، والحقّ ما قاله، فإنّ جميع الأدباء ذوي الفضل والإنصاف مقرّون بفضله وعلو طبقته.

ولمّا رحل أستاذنا أبو الحسن سيدي علي الأومي لمصر للقاء الأفاضل والأخذ عنهم وكان أبو الحسن الغراب من تلاميذه كتب أبو الحسن الغراب قصيدة إمتدح بها الجامع الأزهر وعلماءه (٤٦٢) ونوّه بشأن الشّيخ الحفناوي محشي الأشموني (٤٦٣)، فلمّا وقف الشّيخ الحفناوي على القصيدة وظهرت له بلاغتها وفضل قائلها وبراعته وقوّة عارضته في الفنون الأدبية قال - رحمه الله -: «كم في الزّوايا من المزايا»، عنى بالزوايا أركان البيوت من


(٤٦٠) في الأصول: «ذا».
(٤٦١) طبع بالدّار التّونسيّة للنّشر، تونس سنة ١٩٧٣ تحقيق محمّد الهادي المطوي وعمر بن سالم وفيه مقاماته ورسائله في ٤٠٠ ص: من القطع المتوسّط.
(٤٦٢) في الأصول: «علماؤه».
(٤٦٣) هو يوسف بن سالم الحفناوي أو الحفيني نسبة إلى حفنة إحدى قرى بلبيس، أصله منها، وهو من أهل القاهرة من فقهاء الشافعية، شاعر (ت. بالقاهرة سنة ١١٧٦/ ١٧٦٣) وله حواش وشروح، وديوان شعر، وأشهر مؤلفاته: حاشية على شرح الأشموني لألفية ابن مالك في النحو قال: بها صيتا وقيمة، ولعل هذه الحاشية وصلت إلى صفاقس قبل رحيل الشيخ الأومي إلى مصر. أنظر ترجمته في الإعلام ٨/ ٢٣٢.