للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من أجلّ أصحابه من أهل صفاقس الشّيخ الصّالح سيدي محمد صريح فكان من أهل الكشف، فزوّجه الشّيخ أخته لما رأى من صلاحه ومتابعته لسيرة القوم والسّلف الصّالح، وقدّمه شيخا بزاوية الشّيخ سيدي أبي بكر القرقوري إلى أن مات.

ومنهم الشّيخ ساسي اللّبيدي، كان كثير المتابعة للسّنّة، محافظا على رسوم الشريعة، ملازما لآداب الحقيقة والطّريقة، ولمّا ظهرت بركاته تزوّج الشّيخ أخته.

وللشّيخ - رحمه الله تعالى - كرامات كثيرة ومكاشفات غزيرة، فمن مكاشفاته أنّه كان إماما بمقام الشّيخ سيدي أبي يحيى الضّابط، فمكث يوما بصحن المسجد يزيل القمل من ثيابه ويضعه في قارورة، فرآه إنسان من طاق فاعترض على الشّيخ في خاطره بأن يجهل هذا الشّيخ حكم قتل القمل بالمسجد، والشّيخ موليه ظهره، فرفع تلك القارورة وقصد بها ذلك المعترض قائلا: من بقّرنا تبّنه الله، أي من جعلنا من البقر حيث حكم بعدم معرفة حكم قتل القمل بالمسجد جعله الله تبنا تأكله البقر، فدخل ذلك المعترض تائبا، فعفا عنه ودعا له بالهداية والتّوبة.

ومن كراماته ما وقع من قصّة المكّني وعبد المولى وغير ذلك.

ولمّا توفي / أخبر أخوه سيدي علي شايب الأذرعة أنّه كان معه بقرية قلّوس من وطن صفاقس الشرقي قال: فلمّا قفلنا منها وصرنا بين ذراع ابن زياد وغدير النّصف (٦٣٧) وكان بيده قلعي وهو راكب، فهزّ القلعي وقال: يا علي، فنظرت إليه فما وجدته إلاّ قد سدّ بين السّماء والأرض، ثمّ قال: في يومي هذا في ساعتي هذه، قدمي على قدم سيدي عبد القادر الجيلاني، وقصدني، فهبته ممّا أفاض الله عليه من الهيبة والجلالة، وغبت عن حسّي، فلم أرجع لحسّي إلاّ بعد مدّة، فلمّا أفقت وجدت رأسي في حجره ويده على رأسي وقال لي: يا علي أكتم ما رأيت إلاّ بعد موتي، وإن والدي أوصاني بحفظك وأنا الخليفة عليك بعده.

ولمّا حضرته الوفاة، استخلف بعده أخاه سيدي علي شايب الأذرعة، ودفن خارج البلد، ضريحه مشهور معروف من جهة ركن البلد الشمالي الغربي، وعلى ضريحه من الهيبة ما ليس على غيره - رحمه الله تعالى - ولم نقف على تعيين سنة وفاته.


(٦٣٧) على بعد ١٨ كلم تقريبا من صفاقس في اتجاه المهدية وتسمّى الآن بئر النّصف.