للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأس كرين، ويسمّى الطرف الواسع أنتيجان، ويتصل بهذه الجزيرة في جهة الشرق جزيرة زيزو (٢٨٥) وهي صغيرة نحو من ميل، ويقابلها قصر بني خطّاب (٢٨٦)، وغالب أهلها وهبية / (وقد فشا فيها مذهب الإمام مالك - رضي الله تعالى عنه - ونزر قليل من مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - من حين دخلت العساكر العثمانية، وحكي في «نزهة المشتاق» و «رحلة التجاني» عن أوائل هذه الجزيرة أمورا لا تليق يتنزهون اليوم عن أكثرها، فقد استصلحوا - والحمد لله - عن تلك الرذائل وربنا يوفقنا وإيّاهم وعامّة المسلمين لما فيه سعادة الدنيا والدين (٢٨٧) ففيهم حسن عهد وكرم نفس وضيافة، ويسالمون النّاس ما سالموهم في أموالهم ولا يخونون، ولهم صبر زائد على الاغتراب في الأوطان، فكثرت بذلك أموالهم، فهم أيسر الناس (٢٨٨)، ولهم رفق زائد في معائشهم فيصبرون على الشدّة أكثر من غيرهم، ويعمل بهذه الجزيرة من أصناف ثياب الصوف الساذج، والممزوج بالحرير كل مفتخر يعم آفاق الدنيا وأقطارها، وإليها تجلب قناطير الأموال، فتحمل طيالسهم وأكسيتهم وأحزمتهم وبرانسهم لجميع الأراضي. وبها من جميع أنواع الثمار ما لا يوجد في غيرها وتستمرّ ثمارها على حول السّنة، وتبقى ثمارها في أشجارها إلى إنتهاء نضجها لقوة الأمن بها وقلة الخيانة. وخيل أهلها البغال، فهي بها أكثر من غيرها، وبها الحمر الفارهة التي لا توجد في غيرها وتحمل منها إلى غيرها من البلاد، وبها من الزّيتون وزيته ما يعمّ الآفاق. وبالجملة فهي من غزر / الجزر وربنا يحميها وسائر بلاد الإسلام من عدو الدين. ويعمل بها من أنواع الفخّار ساذجا ومطليا كل غريب يعم الآفاق، وخصوصا أوعية الزّيت والماء (٢٨٩) وسيأتي لنا - إن شاء الله تعالى - التنبيه على ما وقع لها من عدو الدين. وهي الآن - والحمد لله - في حماية الله ورسوله، منذ دخلت


(٢٨٥) في ت: «رمزو»، وفي ط: «ريزو»، وفي ش: «ريزوا» والمثبت من ن. م.
(٢٨٦) في الأصول: «خطار» طبقا لبعض نسخ ن. م. واخترنا «خطاب» طبقا لطبعة ليدن لأن المؤلف كتبها كذلك في نصه فيما بعد.
(٢٨٧) بعدها في ت: «آمين».
(٢٨٨) تيسرت أحوال جربة كثيرا خلال القرن الثامن عشر بفضل أعمالها الصناعية والتجارية، وخاصة التجارة الشرقية مع مصر و «بلاد الترك» كما تذكر الوثائق وخاصة منها اسلامبول، وازمير وكذلك مع جزر اليونان.
(٢٨٩) على الخزف في جربة راجع لويس كومباس (J. L. Combes) وأندري لويس (A. Louis) الخزافون بجربة، (Les potiers Jerba) تونس ١٩٦٧.