للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسن صنعته، وخشبه ساج وآبنوس وبقس (عود قاقلي) (٤٠) ويذكر في تاريخ بني أمية أنه أحكم عمله ونقشه في سبع سنين، وكان يعمل فيه ثمان (٤١) صناع، لكل صانع في كل يوم نصف مثقال محمّدي، فكانت (٤٢) جملة ما أصرف على المنبر أجرة لا غير، عشرة آلاف مثقال وخمسون مثقالا. وفي الجامع حاصل كبير فيه آنية الذهب والفضة لأجل الوقود، وبهذا / الجامع أربع ورقات من مصحف (٤٣) عثمان بن عفّان - رضي الله تعالى عنه - بخطّ يده (٤٤)، وفيه نقط من دمه (٤٥)، وله عشرون بابا مصفّحة (٤٦) بالنحاس (٤٧) الأندلسي، محزمة (٤٦) تحزيما يعجز عن وصفه البشر، وفي كل باب حلقتان (٤٨) في نهاية الصّنعة والحكمة، وبه الصومعة التي هي من عجائب الدّنيا، وارتفاعها مائة ذراع بالمالكي المعروف بالرّشاشي (٤٩) كل ذراع بثلاثة أشبار، وفيها من أنواع الصنائع الرقيقة ما يعجز الواصف عن وصفه واتقانه، (وبهذا الجامع ثلاثة أعمدة مكتوب على كل واحد اسم محمد صلّى الله عليه وسلم وعلى الآخر صورة عصا موسى - عليه السلام - وأهل الكهف، وعلى الثالث صورة غراب نوح - عليه السلام (٥٠) - الجميع خلقة ربّانية) (٥١).

وبمدينة قرطبة القنطرة العجيبة، التي فاقت قناطر الدنيا حسنا وارتفاعا، وعدد أقواسها سبعة عشر قوسا، سعة كل قوس منها خمسون شبرا، وبين كل قوسين خمسون شبرا، ومع هذا فمحاسنها أعظم من أن يحيط بها وصف.

ومن عجائب قرطبة الزّهراء بالألف الممدودة، قال ابن خلكان (٥٢): فهي من


(٤٠) في ن. م.: «وعود المجمر» ص: ٢١٠.
(٤١) في ن. م.: «وكان عدد صناعه ٦ رجال غير ما يخدمهم تصرفا» ص: ٢١٠.
(٤٢) في الأصول: «فكان».
(٤٣) بعدها في ت: «أمير المؤمنين».
(٤٤) بعدها في ت: «المباركة».
(٤٥) بعدها في ت: «رحمه الله».
(٤٦) في الأصول: «مصفحات. . . ومحزمات».
(٤٧) بعدها في ط: «الأحمر».
(٤٨) في الأصول: «حلقة» والمثبت من ن. م. ص: ٢١١.
(٤٩) في الأصول: «الرشراشي» والمثبت من ن. م. ومعجم دوزي كما أشرنا سابقا، ولم يزد دوزي أي تفسير عن الادريسي اذ اعتمده كمرجع وضبط الذراع بثلاثة أشبار.
(٥٠) ساقطة من ط وت.
(٥١) اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(٥٢) وفيات الأعيان ٤/ ١١٧، والمؤلف تصرف في النقل بالحذف وابدال بعض العبارات كعادته مع المحافظة على المعنى، والصحيح أنه نقل مما في وفيات الأعيان لابن خلكان. وأنظر عن قرطبة نزهة المشتاق ص: ٢٠٨ - ٢١٢ وعن الزهراء ص: ٢١٢، وانظر عن قرطبة أيضا الروض المعطار ص: ٤٥٦ - ٤٥٨ لأنه فيما يبدو أخذ كثيرا من نزهة المشتاق للاتفاق في العبارات والتفاصيل وان لم يصرح بالنقل.