للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخوه ذو سدد (١١٩) بن عاد، ثم بعده ابنه الحارث، وهو تبّع الأول، وذكر أئمة التفسير عند قوله تعالى {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (١٢٠) من قصة سبأ.

وعلى ما رواه الكلبي عن أبي صالح أن عمر بن عامر من أولاد سبأ، وبينهما اثنا عشر أبا وهو الذي يقال له مزيقيا بن ماء السّماء، أخبرته زوجه طريفة الكاهنة بخراب سد مأرب وتغريق سيل العرم الجنتين، وعن أبي زيد الأنصاري أن عمر رأى جرذا يحفر السد فعلم أنه لا بقاء له بعد. وقيل إنّه كان كاهنا وقد علمه بكهانته، فباع أملاكه وسار بقومه وهم ألوف من بلد إلى بلد حتى انتهى / إلى مكة المشرفة، وأهلها جرهم، وكانوا قد قهروا الناس وحازوا ولاية البيت على بني اسماعيل وغيرهم، فأرسل إليهم ثعلبه بن عمرو بن عامر، يسألهم المقام معهم إلى أن يرجع إليه رواده الذين أرسلهم إلى أصقاع البلاد يطلبون له موضعا يسعه ومن معه من قومه فأبوا، فاقتتلوا فانهزمت جرهم ولم يفلت منهم إلاّ الشّديد، وأقام ثعلبه بمكة وما حولها في قومه وعساكره حولا، فأصابتهم الحمّى فاضطروا إلى الخروج، وقد رجع إليه رواده فافترقوا فرقتين، فرقة توجهت نحو عمان، وهم الأزد وكندة وحمير ومن يتلوهم، وسارت ثعلبة نحو الشام فنزل الأوس والخزرج أبناء حارثة بن ثعلبة بالمدينة، وهم الأنصار، ومضت غسّان فنزلوا بالشّام وانخزعت خزاعة بمكة، فأقام بها ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر وهو لحي، فولي أمر مكة وحجابة البيت، ثم جاءهم أولاد اسماعيل - عليه السّلام - فسألوهم السّكنى معهم حولهم، فأذنوا لهم في ذلك.

وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن فروة بن مسيك القطيفي سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن سبأ، فقال - عليه الصّلاة والسّلام - هو رجل كان له عشرة أولاد، ستة منهم سكنوا اليمن، وهم مذحج، بالذال المعجمة، وكندة، والأزد، والأشعريون، وحمير / وأنمار، منهم بجيلة وخثعم (١٢١)، وأربعة منهم سكنوا الشّام وهم لخم وجذام، وعاملة، وغسّان.

ولما هلكت أموالهم وخرّبت بلادهم تفرّقت أيادي سبأ شذرا مذرا، فنزلت طوائف منهم بالحجاز، فمنهم خزاعة نزلت بظاهر مكّة، ونزلت الأوس والخزرج بيثرب فكانوا


(١١٩) في الأصول: «وسيدد» والمثبت من المختصر ١/ ٦٧.
(١٢٠) سورة سبأ: ١٩. وأول الآية «فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا».
(١٢١) كذا في ش واليعقوبي ١/ ٢٠١ في ط: «ختعم» وفي ت «خشعم» وعن هذه الأخبار أنظر نفس المراجع.