للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحاصر مكّة ورمى البيت بالمجانيق ودخلها لخمسين ليلة / من حصاره، وقاتل عبد الله بن الزبير بإزاء البيت حتى قتل يوم الثلاثاء لأربع عشرة من جمادي الأولى (١٧) سنة ثلاث وسبعين (١٨). وصلب الحجّاج جثّته وكذا عمر بن سعيد بن العاص، دعا لنفسه بدمشق.

وقد خلفه عبد الملك بها، فكرّ إليها واستنزله عن صلح ثم اغتاله فقتله، وكذا ابن الأشعث بن قيس، فخلع طاعته، وتوجّه إليه الحجّاج، والتقيا بدير الجماجم، فكانت الدائرة على ابن الأشعث سنة نيف وثمانين، فتفانى فيها الخلق، ثم لمّا ساءت طاعة أهل العراق قلّده الحجّاج فكان من أمره ما هو مشهور. وفي مدة عبد الملك كان معظم فتوحات المغرب كما يأتي - إن شاء الله تعالى - وتوفي عبد الملك بدمشق يوم السبت لأربع عشرة من شوال سنة ست وثمانين (١٩).

وتولى بعده ولده الوليد بن عبد الملك (٢٠) فكان ملكا عظيما، فارس بني أميّة، وولى موسى بن نصير افريقية، وأغزاه الغرب الأقصى، وأجاز البحر مولاه طارقا ففتح الأندلس. ومات الوليد بدير مروان. ودفن بدمشق منتصف جمادى الأخيرة سنة ست وتسعين (٢١).

فقام بعده أخوه سليمان بن عبد الملك، فكان قيّما برسوم الشريعة، فارسا صحيحا، إلاّ أنه كان منهوما كثير الأكل، فيأكل القنطار أكلة واحدة، توفي سنة تسع وتسعين (٢٢).

فتولى الخلافة ثاني العمرين ويلقب «الأشج» لشجّة في وجهه، وهو عمر بن عبد العزيز بن مروان / أحد الخلفاء الرّاشدين، أمّه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فهو جدّه لأمّه فكان ثانيه في الزّهد والورع والعدل، وكان من خيار الأمّة - رضي الله تعالى عنه - أفردت مآثره بالتآليف (٢٣). توفي بدير سمعان من عمل حمص، أواخر رجب (٢٤) سنة إحدى ومائة. وقبره مشهور، يزار ويتبرك به.


(١٧) وقيل من جمادى الثانية ٩٦٢ م.
(١٨) ١ أكتوبر ٦٩٢ م.
(١٩) ٨ أكتوبر ٧٠٥ م.
(٢٠) في ت: «عبد الملك بن مروان».
(٢١) ٢٥ فيفري ٧١٤. وفي الأصول: «ثلاث وتسعين» وهو غلط.
(٢٢) ٧١٧ م وفي الأصول: «ست وتسعين» وهو غلط.
(٢٣) في ش وت: «التأليفات».
(٢٤) على الأرجح في ٢٥ منه / ٧١٩ م.