للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدّهاء عارفا بالسّير والأخبار، إلاّ أنّ لله أمرا هو بالغه. فلما كانت سنة اثنتين وثلاثين ومائة (٣٨)، بويع أبو العباس عبد الله بن محمد السفاح بالخلافة - حسبما يأتي تفصيل ذلك في خلافة بني العباس - وفرّ مروان حتى قطع النيل، وأغرق الجسور، فنزل ببوصير، فجاءه صالح بن علي فقتله وفرغت بموته خلافة بني أمية من المشرق، وفر باقيهم إلى المغرب.

سئل بنو أمية: ما أقوى أسباب زوال ملككم؟ فقالوا: إنّا اعتمدنا على المال واستهونّا بالرّجال، فوفّرنا المال وقلّلنا الرجال، فأخذ العدو مالنا وتقوّى به علينا، وأبعدنا الصّديق اعتمادا على صداقته، وقرّبنا العدو استجلابا لمحبته، فصار الصديق عدوا بالأبعاد، ولم يصر العدو صديقا بالاحسان، كما يقال:

[مجزوء الكامل]

احذر عدوك مرة ... واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق ... فصار أدرى بالمضرة

فكانت عدة بني أمية من معاوية إلى مروان أربعة عشر، والمدة اثنين وتسعين سنة (٣٩).


(٣٨) ٧٤٩ م.
(٣٩) من سنوات الهجرة و ٨٩ من سنوات الميلاد، بعدها في ط: «والله تعالى أعلم»، وفي ت: «وزال ملكهم وتشتت شملهم في كل مكان».