للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمامه، وكثيرا ما أكون في الطلائع] (١٣) فو الله إنا لبطرابلس، إذا مراكب قد أرست بالساحل، فشددنا عليهم، فأقاموا ساعة ثم استؤسروا، فكتّفناهم وهم مائة، حتى لحقنا ابن أبي سرح فقتلهم. وقد تحصّن منا أهل طرابلس، ولم يعرضوا لنا، فأخذنا ما في السّفن، فكانت هذه أول غنيمة أصبناها ونحن في وجهتنا، ثم لحق بنا الناس وأقاموا أياما، وكانت السّرايا في كل وجهة تأتي بالبقر والشاة والعلف، ثم تمادينا حتى وردنا افريقية فأقمنا أياما تجري بيننا وبين جرجير ملكهم الرّسل، ندعوه إلى الإسلام، وكلما دعوناه إلى الإسلام نخر (١٤)، ثم استطال وقال: لا أقبل هذا أبدا. فقلنا له: تخرج خراجا في كل عام، فقال: ولو سألتموني درهما واحدا لم أفعل، ثم إنا تهيأنا للقتال بعد الأعذار إليه فهيّأنا (١٥) عبد الله بن أبي سعد فجعل ميمنة وميسرة وقلبا، وسار بأصحابه فقال له رجل من قبط مصر كان معه: إن القوم لا يصافونك، وهم يهربون، فاجعل لهم كمينا وفرّقهم في أماكن ففعل ذلك عبد الله وغدا بنا على تعبئة، والروم قد رفعوا الصليب وعليهم من السلاح ما الله به عليم (١٦) ومعهم / من الخيل ما لا يحصى، فتصاولنا ساعة من النهار حتى صارت الشمس قدر رمحين أو أكثر، ثم حمل عبد الله بالناس وحملنا [معه] فكانت الهزيمة عليهم، وكرّ الكمين عليهم في كل مكان فأكثروا فيهم القتل والأسر، فطلبوا الصلح. فصالحهم عبد الله بن أبي سرح على خراج.

روي عن أسامة بن زيد [الليثي] أن الذي صالحهم عليه عبد الله بن سعد (١٧) ألفا ألف دينار.

وذكر بعض المؤرخين أن عبد الله بن سعد غزا افريقية في جماعة من الصّحابة.

فلقي جرجيرا في سبيطلة وهي مدينة على سبعين ميلا من القيروان، فقتل جرجيرا وهو في مائة ألف، وصالح ابن أبي سرح أهل الحصون وأهل المدائن على مائة ألف (١٨) رطل من الذهب.


(١٣) إضافة من المعالم ليستقيم المعنى، ١/ ٣٤.
(١٤) في الأصول: «نكص» والمثبت من المعالم.
(١٥) في الأصول: «تهيانا» والمثبت من المعالم ليستقيم المعنى.
(١٦) في الأصول: «أعلم».
(١٧) في الأصول: «عبد الله بن أبي سرح» والمثبت من معالم الإيمان.
(١٨) في الأصول: «مائة ألف ألف» والمثبت من المعالم ١/ ٣٥.