للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مولدة ابن خيرون تأتيه وهو تحت أرجل الدّواب فيقول لها: إنك بسببي صرت عند السّلطان؟ فتقول له: يا شيخ السوء! قتلت سيدي ابن خيرون شيخ القيروان، وأزلتني من عنده، ورددتني عند خنزير ابن خنزير، وتأمر خدمها فيلطمنه ويعضضنه (٣١)، وكانت هي المتوليّة لعذابه حتى هلك. قيل إنه لما ضرب مائة سوط / وعذّب قيل له: هات الأموال التي جمعت، فقال: والله لو أن تحت قدمي جبّا مملوءا بمال الدّنيا كلّها ما أخرجت لكم منه درهما، واني قد عصيت الله تعالى فيكم فسلّطكم علي، فاضربوا ما شئتم وعذّبوا كيف شئتم هذا ما كان من أمر القاضي» (٣٢).

وأما أبو عبد الله الشّيعي وأخوه أبو العبّاس - وكان هو الأكبر - فانهما لما اجتمعا بعد تمكين عبيد الله من المملكة لام أبو العبّاس أخاه على ما فعل من تمكينه عبيد الله بالمملكة وقال له: تكون صاحب البلاد والمستقلّ بأمورها وتسلّمها إلى غيرك وتبقى أنت من جملة الأتباع؟ وكرر عليه القول، فندم أبو عبد الله على ما صنع وأضمر الغدر فاستشعر منهما المهدي ذلك، فدسّ عليهما من قتلهما في ساعة واحدة وذلك في منتصف جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين ومائتين (٣٣) بمدينة رقّادة بين القصرين.

وأما ابن أبي خنزير، فانه لمّا اطمأن عبيد الله واستقرّت له المملكة بعث على جزيرة صقليّة ابن أبي خنزير، فوصل إلى مازرة سنة سبع وتسعين ومائتين (٣٤)، فولّى أخاه على كبركيت (٣٥) وولّى اسحاق بن المنهال قضاء صقليّة، وشكا أهل صقليّة سوء سيرة ابن أبي خنزير، وثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي معتذرين، فقبل عذرهم، وولّى عليهم علي بن عمر البلوي، فقدمها آخر سنة تسع وتسعين ومائتين (٣٦)، وكان شيخا ليّنا فعزلوه، وولّوا عليهم أحمد بن قهرب (٣٧) فدعا النّاس إلى طاعة المقتدر العبّاسي، فأجابوه وقطع خطبة المهدي، وبعث أسطوله إلى افريقية فلقوا أسطول المهدي وقائده ابن أبي خنزير فقتلوه وأحرقوا الأسطول، وسار أسطول ابن قهرب إلى صفاقس فأخربها وجاءت


(٣١) في معالم الإيمان: «ويعطونه قدره» ٢/ ٢٩١.
(٣٢) معالم الايمان ٢/ ٢٩١.
(٣٣) ٢٤ سبتمبر ٨٩١ م.
(٣٤) ٩٠٩ - ٩١٠ م.
(٣٥) في الأصول: «كركيت» والمثبت من كتاب العبر ٤/ ٤٤٢.
(٣٦) ٩١١ - ٩١٢ في كتاب العبر: «سبع وتسعين» ٤/ ٤٤٢.
(٣٧) في الأصول: «ابن مذهب» والمثبت من كتاب العبر ٤/ ٤٤٣.