للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمل وبأي شيء وصلت إلى هذا، ثم أخذ في البكاء حتى جرت دموعه على لحيته ثم قال: والله لو رآكم محمّد صلّى الله عليه وسلم لسرّ بكم.

قال الشّيخ أبو الحسن القابسي: فلمّا تلاقوا للقتال، أقبل ربيع وهو يطعن فيهم ويضرب وهم يتوقفون عن طعنه طمعا أن يأخذوه حيّا، فلمّا أثخنهم بالضّرب والطّعن عمد إليه جماعة منهم فقتلوه، واستشهد معه أئمّة وعبّاد وصلحاء، عدّتهم خمسة وثمانون رجلا.

وقال أبو الحسن أيضا عن شيوخه الذين أدركهم: إن الذين ماتوا في دار البحر بالمهديّة من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب ما بين عالم وعابد ورجل صالح» اهـ‍.

وكان القرويّون (٥٤) غلبوا من كان بالمهديّة، وطمعوا في أخذها فمكر بهم أبو يزيد فقال لجيشه: القرويون اذا حكموا على بني عمّنا واستأصلوهم رجعوا علينا فلا نقدر عليهم، فاذا كان من الغد والتحم النّاس في القتال انهزموا (٥٥) عنهم حتى تقع الكسرة (٥٦) عليهم فترتاحوا من شوكتهم، أو نحو هذا الكلام، ففعلوا ذلك، فوقعت الهزيمة عليهم / لما سبق في سابق علم الله فاستشهد من استشهد كأبي الفضل الممسي (٥٧)، وربيع القطان. قيل إن ربيع القطان قتل قرب المهديّة بالوادي المالح، وقطع رأسه وأتي به إلى أبي القاسم بن عبيد في طشت (٥٨)، فلمّا كشفوا عنه فتح الرأس عينيه وفمه، فقال أبو القاسم: أبعدوه عني، وكانت وفاته في رجب سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (٥٩).

قال أبو محمد التبّان: رأيت ربيعا القطان في المنام بعد أن قتل، فسألته عن حاله،


(٥٤) يستمر في النقل من المعالم ٣/ ٣٤.
(٥٥) في المعالم: «انعزلوا».
(٥٦) في المعالم: «الكرّة».
(٥٧) هو عباس بن عيسى الممسي نسبة إلى ممس وقيل بتشديد الميم الثانية وهي Mamma البيزنطية، وتقع غربي القيروان على بعد ٥٠ كلم منها، و ٣٣ كلم من سبيطلة، وهي التي تحصن بها كسيلة عند زحف زهير بن قيس البلوي نحو القيروان، توفي الممسي سنة ٣٣٣ هـ ‍ وترجمته في الأعلام ٣/ ٣٦٣ - ٤ (ط / ٥) وترتيب المدارك ٣/ ٣١٣ - ٣٢٣ والديباج ٣١٧ وشجرة النور الزكية ٣٣ وطبقات علماء افريقية للخشني ٣٤ ومعالم الايمان ٣/ ٢٧ - ٣٠ (ط / ٢) وغير ذلك، وانظر تراجم المؤلفين التونسيين لمحمد محفوظ ٤/ ٣٨١ - ٣٨٣.
(٥٨) في المعالم: «طست»، والطشت لغة في معنى الطست (فارسية).
(٥٩) فيفري ٩٤٥ م.