للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندكم، ثم دعا لنا وقال: غسل الله عنكم العار وألحقكم بالناس، / قال: فوصلت إلى باجة يوم الخميس، وقتل المشارقة يوم الاثنين» (٥٦) وكتب المعزّ ظهيرا للشيخ سيدي محرز صورته: «هذا ظهير كريم من القائم النّاصر لدين الله، المعزّ بن باديس للشّيخ الصالح الكبير القدر محرز بن خلف، لطّف الله به، قصد به وجه الله العظيم، ورجاء ثوابه الجسيم، وما أمر به السّلف المتقدم من إكرام أهل الدّين والعلم، لأن من تبع طريقهم خلص من الشكّ واقتدى، ومن قصد طريقتهم أخرج من الضلالة واهتدى، وأنقذ من الجهالة والردى، فان القصد أن يؤولوا إلى معرفته ويعرفوا اثبات برهانها، ويراقبوا وحدانيته، ويتحقّقوا حقائق ربوبيّته وجبروته، ويحافظوا على أوليائه، وقد ذكر الله العظيم في كتابه وتنزيله {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٥٧) وقال - عزّ وجلّ - {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (٥٨). فقد أعلى درجاتهم وأعز منزلتهم، وأسبغ عليهم نعمه، وضاعف لهم مواهبه، ووعدهم برحمته، فقال وهو أصدق القائلين {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ} (٥٩) الآية، فأنتم أفاضل أوليائه وأصفيائه وأتقيائه لأن الله جعل من عرف وتبصّر وفتح على باطنه وقلبه بخصوصيتكم فقد أفلح ونجح، فالله سبحانه يمنّ على من يشاء من عباده، ويختصّ من يشاء بخصوصيته، وقد جعلكم من أهل اختصاصه بالعلم والعبادة، ولحظكم بجميل ملاحظاته، فأنتم أغصان / بسقت وفروع شجرتكم التي غرست في أطيب تربة، ثم سقيت من أعذب الماء، وغذاؤها بالهواء من الأرض إلى السّماء، ثم نقلت إلى الحضرة السعيدة.

فاقتضى النّظر بهذا الظهير لجماعتكم بحفظكم ورعايتكم وحمايتكم وحسن معاملتكم، وحفظ الأنصار الصائرة إلى حضرتكم وحسم الأيدي الممتدة إلى اساءتكم وأهلكم وأموالكم ورعاياكم بحضرة تونس وباديتها وشركائكم وأتباعكم، ومن عرف بكم، وانتسب إلى نسبتكم، وأوى إلى جنابكم، ورفع الأيدي عن عشوركم في قرية أو سانية وقرية الفول وطراقش وماينة (٦٠)، ومنزل خارجة، وقرية الحمام، وما أطاف


(٥٦) المناقب ص: ١١٢.
(٥٧) سورة يونس: ٦٢.
(٥٨) سورة النحل: آخر الآية ٤٣.
(٥٩) سورة البقرة أول الآية ٢٦٩ وتمامها: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ.
(٦٠) كذا في ت وط، وفي النص المحقق من المناقب، وفي ش كما في بعض أصول المناقب: «مانبة».