للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالرّحيل، ولا يخلّى بينها وبين إجازة النّيل، فأفرج لهم الجرجرائي عن السّبيل، وأذن لهم في المعزّ أمنية طالما سرت إليها أطماعهم، فغشيه / منهم سيل العرم، ورماه منهم بدؤلول (١٠٤) وابنة الرّقم (١٠٥) وتهاون المعزّ بهم أولا فشغلهم بخدمته، وأثقلهم بأعباء نعمته، وهم في خلال ذلك يتحرسون لحياته (١٠٦)، ويدبون إلى أنصاره وحماته، ويطلعون على مقاتله وعوراته، حتى بان لهم شأنه وهان (١٠٧) عليهم سلطانه، فجاهروه بالعداوة، وأرادوه على الإتاوة (١٠٨)، وجرت بينهم أثناء ذلك حروب كان من أفراها لأديمه، وألصقها بصميمه وقعة «حيدران» (١٠٩) سنة أربع وأربعين وأربعمائة (١١٠) فانها أوهنت بطشه، وثلّت عرشه، وأحاط الأعراب بالقيروان وانبسطوا في البلاد يخطفون حريمها، ويتعرّضون راحلها ومقيمها، إلى أن أعطاهم الدّية (١١١) وناشدهم التقيّة، واشترط المهديّة، وقد كان نظر في ماله وفكر (فيمن بازائه من أقياله) (١١٢) فزف إلى زعمائهم بنات كنّ نجوم اللّيالي، وأماني المغالي فأصبحوا له أصهارا، وقاموا دونه أنصارا، ثم استجاش من قبله، واحتمل حرمه وثقله وترك الملك لمن حماه وحمله (١١٣)، وجاء بأنصاره فكانوا بحيث يسمعون نئيمه (١١٤) ويمنعونه ممّن عساه أن يكيده أو يضيمه، حتى بلغ المهديّة أسقط من الشمس في الميزان (وأوهن من الفقر عند العيان) (١١٥).

قوله في هذا الفصل فأول ما افتتح به شأنه، وثبت به - فيما زعم (١١٦) - سلطانه، قتل الرافضة، كان المعزّ لا يزال يتحامل على بني عبيد، ويلعنهم خفية، / ويؤذي


(١٠٤) في الأصول: «زهلول» والمثبت من الرحلة ص: ١٨.
(١٠٥) في الأصول: «أرقم».
(١٠٦) في الرحلة «يتمرسون بجهاته».
(١٠٧) في الأصول: «وعز».
(١٠٨) في الأصول: «الاثارة».
(١٠٩) في ش: «جندار» والمثبت من الرحلة ص: ١٨.
(١١٠) ١٠٥٢ - ١٠٥٣ م.
(١١١) في الرحلة: «الدنية».
(١١٢) في الأصول: «برأيه من إقباله».
(١١٣) في الأصول: «حرمه».
(١١٤) في الأصول: «قيمه».
(١١٥) في الرحلة: «وأهون من الفقير على القيان».
(١١٦) في الأصول: «عزم».