للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله بهم، ووضع السيف فيهم ثلاثة أيام، وتوفي لأربع بقين من ذي الحجة سنة ست ومائتين (٨).

وولي الأمر بعده عبد الرحمان ولده (٩)، وهو أول من فخم الملك بالأندلس، ونوّه الألقاب، واستكثر الوزراء، ثم توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين (١٠).

وولي بعده محمّد، فكان ملكا كبيرا شبيها بعبد الملك بن مروان، وكان آية في تحقيق الحساب، آخذا بحظ من الشعر والكتابة، وتوفي في ربيع الأول (١١) سنة ثلاث وسبعين ومائتين (١٢).

وولي بعده ولده المنذر، وكان شهما حازما، ومات محاصرا ابن حفصون (١٣).

وولي بعده أخوه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان، وكان عفّا فاضلا، وفي أيامه تناهت الفتنة (١٤)، وضاقت عليه الحضرة / واشتدّ عليه كلب ابن حفصون (١٥)، فشمّر وبرز بمن معه ففتح الله عليه، واستوسقت له الطاعة، وابن حفصون هذا هو عمر بن حفصون كان أبوه من مسلمة أهل الذمة، وكان شجاعا ثائرا، اشتهر وضمّ إليه الأشرار، وملك مدينة يشتر (١٦)، وانقادت إليه الجهات، وتمادى الأمر فيه وفي عقبه أزيد من تسعين سنة شقيت بهم المروانية ما شاء الله.

ولمّا توفي عبد الله (١٧) تولى الأمر بعده حفيده عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله، النّاصر لدين الله، وكانت الأرض تضطرم نارا وشقاقا، فأخمد نيرانها، وسكّن زلزالها، وتسمّى «بأمير المؤمنين»، وكان كثير الغزو، فأوقع الرّوم عليه هزيمة تسمّى وقعة الخندق، ثم (١٨) أغزى قوّاده، ففتح الله عليه فتوحات كثيرة، وطال عمره، فبنى


(٨) في الأصول: «ست وثمانين ومائة» والمثبت من كتاب العبر ٤/ ٢٧٧ وغيره ١٢ ماي ٨٢٣ م.
(٩) ويعرف بعبد الرحمان الأوسط.
(١٠) سبتمبر - أكتوبر ٨٥٢ م.
(١١) بالنسبة لابن خلدون في «صفر» كتاب العبر ٤/ ٢٨٧.
(١٢) أوت - سبتمبر ٨٨٦ م.
(١٣) بجبل يشتر سنة خمس وسبعين ومائتين لسنتين من امارته.
(١٤) ينعتهم ابن خلدون بالثّوار، وأولهم ابن مروان ببطليوس وأشبونة، انظر كتاب العبر ٤/ ٢٨٨.
(١٥) انظر عن نسبه وثورته كتاب العبر ٤/ ٢٩٢.
(١٦) في الأصول: «مدينة بيشتر» والمثبت من كتاب العبر، وجبل يشتر من ناحية رية ومالقة ٤/ ٢٩٢.
(١٧) في آخر المائة الثالثة من شهر ربيع الأول، العبر ٤/ ٢٩٨.
(١٨) «ولم يغز الناصر بعدها بنفسه» انظر كتاب العبر ٤/ ٣٠٩.