للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعطى متمني المال ألف دينار، واستعمل الثاني، وقال للذي تمنّى زوجته: يا جاهل، ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه؟ ثم أرسله إلى زوجته فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه كلّ يوم طعاما واحدا من جنس واحد، ثم أحضرته وقالت له: ما أكلت في هذه الثلاثة أيام؟ قال: طعاما واحدا، قالت: كلّ النساء شيء واحد، وأمرت له بمال وكسوة وأطلقته» (٩٧).

«وبنى مدينة مراكش في سنة خمس وستين وأربعمائة (٩٨)، وكان موضعها مزرعة لأهل نفّيس - بفتح النّون وتشديد الفاء وسكون الياء المثناة - تحت جبل مطل على مرّاكش، وكانت تلك الأرض مأوى اللّصوص فكان المارّون فيها يقولون لرفقائهم مرّاكش، ومعنى هذه الكلمة بلغة المصامدة أمش مسرعا، فعرف الموضع بها.

وسميّت المدينة باسم ذلك الموضع، وذلك لأنه لمّا توطنت نفسه على الملك وأطاعته قبائل البربر وذهب من يخالفه من زناتة ولمتونة سمت همّته إلى بناء هذه المدينة، وكان في موضعها قرية صغيرة في غابة من الشّجر، وبها قوم من البربر» (٩٩).

«ويقال إن الأرض كانت لعجوز من المصامدة فاختط يوسف هذه المدينة» (١٠٠) «وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة، وهي في مرج فسيح» (١٠١)، وقيل إن شراءها عليه كان بسبعين / ألف درهم، وجعل دورها سبعة أميال، وأن ابنه عليّا هو الذي بنى سورها وسقايتها وجامعها وقصر إمارتها، وأن يوسف كان بنى مسجدها بالطوب.

«ويوسف هو أول من تسمّى بأمير المسلمين، ولم يزل على حاله وعزّة سلطانه إلى أن توفي يوم الاثنين لثلاث خلون من المحرم سنة خمسمائة (١٠٢) وعاش تسعين سنة (١٠٣)، ملك منها مدّة خمسين سنة - رحمه الله تعالى - (١٠٤).


(٩٧) راجع ابن خلكان، وفيات الأعيان ٧/ ١٢٥ نقلا عن تاريخ شيخه ابن الأثير، وانظر الكامل ١٠/ ١٥٦.
(٩٨) ١٠٧٣ - ١٠٧٤ م.
(٩٩) الوفيات: ٧/ ١٢٤، وعندما نقل عن الادريسي أحداث تأسيس مراكش ذكر: «. . . استجدها يوسف بن تاشفين في صدر سنة سبعين وأربعمائة بعد أن اشترى أرضها من أهل أغمات».
(١٠٠) الوفيات: ٧/ ١٢٣.
(١٠١) الوفيات: ٧/ ١٢٤.
(١٠٢) في الأصول: «خمس وتسعين وأربعمائة» والمثبت من الوفيات ٧/ ١٢٥ والكامل لابن الأثير.٤ سبتمبر ١١٠٦ م.
(١٠٣) كذا في ط والوفيات، وفي ش: «سبعين» وفي بعض الروايات: «عاش مائة سنة» انظر جوليان (Ch. A. Julien) تاريخ شمال افريقيا ٢/ ٨٦ (Histoire de l' Afrique du nord).
(١٠٤) الوفيات ٧/ ١٢٥.