للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريتين اسم احداهما مل، واسم الثانية تين - الذي هو اسم الفاكهة) (٢٤) ورأى فيه أيضا أن استقامة ذلك الأمر وتمكّنه يكون على يد رجل من أصحابه هجاء اسمه (ع ب د م وم ن) ويجاوز وقته المائة الخامسة للهجرة، فأوقع الله في نفسه أنه القائم بأوّل الأمر، وأن أوانه قد أزف، فكان محمد لا يمرّ بموضع إلاّ سأل عنه، ولا رأى أحدا إلاّ أخذ اسمه وتفقّد حليته، وكانت حلية عبد المؤمن معه، فبينما هو في الطريق رأى شابّا قد بلغ أشدّه على الصّفة التي معه، فقال له محمد بن تومرت: ما اسمك؟ فقال:

عبد المؤمن، فرجع إليه بعد ما كان جاوزه وقال: الله أكبر، أنت بغيتي، فنظر في حليته فوافقت ما عنده، فقال له: من أين أنت؟ قال: من كومية، فقال: أين قصدك؟ قال: المشرق، فقال له: ما تبغي؟ قال: أطلب علما (٢٥)، قال: وجدت علما وشرفا وذكرا، اصحبني تنله فوافقه على ذلك، فألقى إليه ابن تومرت أمره وأودعه سرّه» (٢٦).

قال ابن الخطيب (٢٧) الأندلسي: وقالوا كان يزعم أنه مأمور بنوع من الوحي الالهامي، وينكر كتب الرأي والتقليد، وله باع في علم الكلام، وجرت عليه نزعة خارجية وكان ينتحل القضايا الاستقبالية، ويشير إلى الكوائن الآتية، ورتّب قومه ترتيبا غريبا فمنهم أهل الدّار، وأهل الجماعة، وأهل خمسين، وأهل سبعين، والطّلبة، والحفّاظ، وأهل / السّاقة، وأهل القبائل.

فأهل الدّار للامتهان والخدمة، وأهل الجماعة للتفاوض والمشورة والمباهاة، وأهل خمسين وسبعين والطّلبة (٢٨) لحمل العلم والتلقي، وسائر القبائل لمدافعة العدو، وكان يعلّمهم أوجه العادات (٢٩)، وكان يأمرهم باتخاذ مرابط الخيل التي ينالون من فئ عدوّهم (٣٠)، وأنه يعطي الرجل على قدر ما أعد من مرابطه (٣١) فكان ذلك (٣٢)، ووافقت أيامه أيام المسترشد بن المستظهر بن القائم بن العادل» اهـ‍.


(٢٤) زيادة من المؤلف عما هو موجود بالوفيات للتوضيح.
(٢٥) في الوفيات: «علما وشرفا».
(٢٦) ابن خلكان، وفيات الأعيان: ٥/ ٤٨.
(٢٧) من الطبيعي أن النقل عن ابن الخطيب الأندلسي لا يكون في ابن خلكان ذكر ذلك لسان الدّين بن الخطيب في «رقم الحلل». أنظر الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأحمد بن خالد الناصري السّلاوي (١٣١٥/ ١٨٩٦)، ٢/ ٨٦ الدار البيضاء ١٩٦٤.
(٢٨) «والحفّاظ والطلبة».
(٢٩) أوجه العبادات والعادات.
(٣٠) «من عدوهم» بعدها.
(٣١) المرابط.
(٣٢) المصدر السالف ٢/ ٨١.