للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة) (١٣٩) وكان له أخ آخر اسمه أبو حفص [عمر] ولاّه جزيرة الأندلس.

ولمّا خلع يوسف أخاه محمّد تولى الملك فكان أحق به وأهله اذ هو فقيه حافظ متفنن لأن أباه هذّبه وجال (١٤٠) الحروب والمغازي (١٤١) فنشأ في ظهور الخيل بين أبطال الرّجال، وفي قراءة العلم بين أفاضل العلماء، وكان ميله إلى الحكمة والفلسفة أكثر من ميله إلى الأدب وبقية العلوم، وكان جمّاعا منّاعا ضابطا لخراج مملكته عارفا بسياسة رعيّته، وكان يحضر حتى لا يكاد يغيب ويغيب حتى لا يكاد يحضر، وله في غيبته نوّاب وخلفاء وحكّام وقد / فوّض الأمور إليهم لما يعلم من صلاحهم لذلك، والدّنانير اليوسفية المغربية منسوبة إليه.

فلمّا تمهّدت له الأمور واستقرّت قواعد ملكه دخل جزيرة الأندلس لكشف أحوال دولته وتفقّد مصالحها، وكان ذلك في سنة ست وستين وخمسمائة (١٤٢) وفي صحبته مائة ألف فارس من العرب والموحّدين، فنزل باشبيلية، فخافه الأمير أبو عبد الله محمد بن سعد بن محمد بن سعد المعروف بابن مردنيش بفتح الميم وسكون [الراء وفتح] الدّال المهملة وكسر النّون وسكون المثناة تحت بعدها شين معجمة وهو بلغة الافرنج اسم العذرة (١٤٣) صاحب شرق الأندلس: مرسية وما انضاف إليها، وحمل على قلبه فمرض مرضا شديدا ومات، وقيل إن أمّه سقته السّم لأنه كان قد أساء على أهله وكبراء دولته وخواصه العشرة، فنصحته أمّه وأغلظت عليه في القول وهددها فخافت بطشه، فعملت عليه وسقته السّم فقتله في رجب سنة سبع وستين وخمسمائة (١٤٤) باشبيلية، ومولده سنة ثمان عشرة وخمسمائة (١٤٥) في قلعة من أعمال طرطوشة يقال لها بنشكلة بضمّ الموحدة والنون وسكون الشّين المعجمة وضمّ الكاف وفتح اللام بعدها هاء تأنيث (١٤٦)، وهي من


(١٣٩) زائدة عن الوفيات.
(١٤٠) وخاض.
(١٤١) في الوفيات: «لأن أباه هذّبه وقرن به وبإخوته أكمل رجال الحرب والمعارف فنشأوا».
(١٤٢) ١١٧٠ - ١١٧١ م.
(١٤٣) الوفيات ٧/ ١٣٣.
(١٤٤) مارس ١١٧٢ م.
(١٤٥) ١١٢٤ - ١١٢٥ م.
(١٤٦) الوفيات ٧/ ١٣٣.