للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصرفهم وعرض الجيش، وأخذ في التقرّب بالقرب إلى الله بين يدي جهاده فاستبرا (١٩١) السّجون وأدرّ الأرزاق، وعيّن الصّدقات، ورحل ونزل الأرك (١٩٢) وقد خيّمت بأحوازها محلاّت العدو يضيق عنها المتسّع (١٩٣)، وقام بعد أن اجتمع النّاس فتحلل من المسلمين، وقال: اغفروا لي فيما عسى أن يكون صدر مني، فبكى النّاس، وقالوا منكم يطلب الرضا والغفران، وخطب الخطباء بين يديه محرّضين، فنشط النّاس، وطابت النّفوس، ومن الغد صدع بالنّداء وأخذ السّلاح والبروز إلى اللقاء، فكانت التعبئة تحت الغلس، وكان اللقاء فسال العدو على المسلمين كالبحر، فزلزل مسيرة المسلمين، وعند ذلك أمر المنصور بالهجوم على العدو، فاختلط الفريقان واعتركا، وصدقت حملات المسلمين، حتى أخلت مراكز العدو، فولوا الأدبار ضحى يوم الأربعاء التاسع من شعبان (١٩٤) عام واحد وتسعين وخمسمائة (١٩٥)، وانتهبت محلات العدو وانجلت المعركة عن حصيد من القتلى لا يحصى عدده، فذكر المقلل / أنه بلغ ثلاثين ألفا، وصرف وجهه عزيزا ظافرا رحمه الله. وفي الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين توفي (١٩٦) المنصور ودفن بمجلس سكناه من مراكش، وكذب العامة بموته ولوعا وتمسكا به فادعوا أنه ساح في الأرض» اهـ‍.

وكان (١٩٧) رحمه الله ملكا جوادا عادلا متمسّكا بالشّرع المطهر، يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر من غير محاباة، ويصلّي بالناس الصّلوات الخمس، ويلبس الصّوف ويقف للمرأة والضعيف ويأخذ لهم بالحق، ابن خلكان (١٩٨): أوصى أن يدفن على قارعة الطريق ليترحم عليه من يمرّ به قال: وسمعت عليه حكاية يليق أن أذكرها هنا، وهي أن الأمير الشيخ عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص عمر والد الأمير أبي زكرياء يحيى [بن عبد الواحد] (١٩٩) صاحب افريقية كان قد تزوج أخت الأمير المذكور،


(١٩١) في الأصول: «اسبرأ».
(١٩٢) Alarcos وفي الأصول: «الاراك».
(١٩٣) في الأصول: «فضيق المتسع».
(١٩٤) في الأصول: «التاسع عشر من شعبان» والاصلاح من ابن خلكان وغيره وقد ذكر المؤلف هذه الواقعة بالتاريخ هذا عندما نقل أحداثها عن ابن خلكان.
(١٩٥) ٢٥ جويلية ١١٩٥ م.
(١٩٦) لقد ناقش المؤلف تاريخ وفاة المنصور فيما سبق واعادة هذا تكرار.
(١٩٧) النقل من ابن خلكان، وفيات الأعيان ٧/ ١٠.
(١٩٨) بل يستمر في النقل.
(١٩٩) اضافة من الوفيات.