للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأيمة المجتهدين المتقدمين، بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والسنّة والاجماع والقياس.

قال: وقد أدركنا جماعة من مشايخ المغرب وصلوا الينا إلى البلاد وهم على ذلك الطريق مثل أبي الخطاب بن دحية وأخيه أبي عمر ومحي الدّين ابن العربي (٢١١) / نزيل دمشق وغيرهم.

وكان يعاقب على ترك الصّلاة ويأمر بالنّداء في الأسواق بالمبادرة إليها، فمن غفل عنها واشتغل بمعيشته يعزره (٢١٢) تعزيرا بليغا.

وكان قد عظم ملكه واتّسعت دائرة سلطنته حتى لم يبق بجميع أقطار المغرب من البحر المحيط إلى برقة إلاّ من هو على طاعته وداخل في ولايته، إلى غير ذلك من جزيرة الأندلس وكان محسنا محبّا للعلماء مقرّبا للأدباء مصغيا إلى المدح مثيبا عليه.

والى الأمير يعقوب تنسب الدّنانير اليعقوبية المغربية.

وكان قد أرسل إليه السلطان صلاح الدّين يوسف بن أيوب رسولا من بني منقذ في سنة سبع وثمانين وخمسمائة (٢١٣) يستنجده على (٢١٤) الافرنج الواصلين من بلاد المغرب إلى الديار المصرية وساحل الشام، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين بل خاطبه بأمير المسلمين، فعزّ عليه ذلك، ولم يجبه إلى ما طلبه (٢١٥) منه».

«ولما (٢١٦) حضرت الوفاة الأمير يعقوب وقضى نحبه بايع النّاس ولده أبا عبد الله محمد بن يعقوب وتلقب «بالنّاصر» (فاستوزر الشّيخ أبا محمد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص) (٢١٧) واتّصل (٢١٨) به ما فعل الميورقي، فنهض إلى افريقية وهزم الميورقي - كما يأتي ان شاء الله تعالى - ثم تحرّك إلى جزيرة الأندلس (فلم يرزق فتحا بل كانت الهزيمة


(٢١١) في الأصول: «محي الدّين المغربي» والمثبت من وفيات الأعيان لابن خلكان ٧/ ١١.
(٢١٢) يقصد يؤنبه.
(٢١٣) كذا في ابن خلكان ويوافقها بالميلادي ١١٩١ م وفي الاستقصا سنة ٥٨٥، وفي الروضتين لابي شامة المقدسي سنة ٥٨٦، انظر الاستقصا والتعليقات عليه ٢/ ١٦٣.
(٢١٤) قال ابن خلدون: «وفي هذا دليل على اختصاص ملوك المغرب يومئذ بالأساطيل الجهادية، وعدم عناية الدول بمصر والشام لذلك العهد بها»، الاستقصا ٢/ ١٦٣ - ١٦٤.
(٢١٥) وفيات الأعيان بتصرف يسير ٧/ ١٠ - ١١.
(٢١٦) انتقل إلى صفحة ١٥ من نفس المرجع.
(٢١٧) زيادة عما هو موجود بالوفيات، ونقلها المؤلف عن تاريخ الدولتين ص: ١٧.
(٢١٨) في ط: «وامتثل».