للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من جهة شرق المسجد، ولما جاءن ليلة يناير عيد النصارى (٨٨)، أظهروا معهم الفرج بموسم النصارى، وأمروا بطبخ الفول في كلّ دار، وجعلوا جماعة يدورون على الدّور في صورة شحّاتين يشحتون الفول، وأمر كل صاحب دار أن يخرج من الفول بقدر ما عنده من الرّجال، فجمعوا ما تحصّل وعدّوه وعرفوا ما عندهم، وأعطوا كل أحد من السّلاح بقدر ما أعطاهم من الفول (٨٩)، وأحدثوا لعبا سموه لعب ضرب النّار (٩٠) والى الآن يلعبن به الأصاغر ولما أتقنوا / وجه الحيلة مالوا على الكفرة ليلا، فلم تطلع الشمس حتى قتل الكفار عن آخرهم كما تقدم) (٩١) «وتبعهم أبو يحيى بن مطروح (٩٢) بطرابلس ثم محمد بن رشيد بقابس، (ولم يبق تحت حكم الكفار غير المهديّة وزويلة) (٩٣) فأرسل الشيخ سيدي عمر بن علي الفرياني إلى زويلة يحرّضهم على الوثوب على من معهم فيها من النّصارى، ففعلوا ذلك، وقدم عرب البلاد إلى زويلة، فأعانوا أهلها على من بالمهديّة من الافرنج، وقطعوا الميرة على المهديّة، فلما اتّصل الخبر بغليالم أحضر الشّيخ أبا الحسن، وعرّفه بما فعل ولده، وأمره أن يكتب إليه ينهاه عن ذلك، ويأمره بالعود إلى طاعته، ويخوّفه عاقبة فعله، فقال له الشّيخ: من أقدم على هذا لا يرجع بكتاب، فأرسل غليالم


(٨٨) ما نسميه اليوم «عيد رأس السّنة الميلادية» وجاء في الحلل السندسية للوزير السراج «حسب زعم الروم ان أول يوم منه (أي يناير) هو سابع مولد المسيح وأنه يوم ختانه وهو من أكبر أعيادهم» ١/ ١٨٢.
(٨٩) طبخ الفول بمناسبة رأس السنة المسيحية حسب تقويم يوليوس قيصر عادة بربرية قديمة، وما زالت موجودة إلى الآن ويسمونها الحاجوجة ويطلقونها أيضا على نفس الليلة الجديدة من رأس العام وكلمة حاجوجة محرفة عن كلمة الحاجوز فاعول بمعنى فاعل كفاروق بمعنى فارق وتطلق هذه اللفظة على الليلة الأولى من السنة الجديدة لأنها تحجز بين السنة القديمة والجديدة وجاء في التقويم الشمسي لخارطة علي بن محمد الشرفي الصفاقسي المحفوظة بالمكتبة الوطنية بباريس بالقسم العربي تحت عدد ٢٢٧٨ «وأول ليلة منه (أي يناير) ليلة العجوز وتسمى الحاجوز لأنها تحجز بين السنة والسنة» وانفرد علي الشرفي بادماج حاجوز في معنى العجوز واعتبر العجوز ليلة واحدة بينما يرى الوزير السراج في الحلل السندسية ١/ ٨٥ ويرى الزبيدى في تاج العروس ٤/ ٤٩ وغيرهم أن أيام العجوز سبعة أيام ابتداء من السادس والعشرين من فيفري وأنها سميت كذلك لأنها عجز الشتاء.
(٩٠) لعب ضرب النار عادة بربرية قديمة أيضا بقي أثرها بمناسبة الاحتفال بموسم عاشوراء. أنظر: بلاد البربر الشرقية في عصر الزيريين، مصدر سبق ذكره ١/ ٣٨١.
(٩١) ما بين القوسين لم يذكره المؤرخون المتقدمون كالتجاني وابن الأثير وابن خلدون ولعل المؤلف تلقّنه من الروايات الشعبية الشائعة في عصره.
(٩٢) كذا في الأصول وفي «ليبيا منذ الفتح العربي» لأتوري روسي ص: ٨٨ وفي «طرابلس الغرب» لمحمد ناجي ومحمد نوري ص: ١٥٨ «أبو يحيى رافع بن مطروح» وفي الكامل لابن الأثير ١١/ ٢٠٤ «أبو محمد بن مطروح». والمؤلف ينقل عن ابن الأثير وخالفه في نقل كنية بن مطروح.
(٩٣) زيادة عما في الكامل.