للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن الأمير أبا بكر حشد الحشود في صفر من سنة ثمان عشرة وسبعمائة (١٦٢)، وقصد تونس، واستعمل على بجاية أبا عبد الله محمد بن القالون، وسار إلى أن وصل الأربس فوافاه وفد هوارة وكبيرهم سليمان بن جامع، فأخبره أن الأمير أبا ضربة إرتحل عن باجة عازما على اللقاء، فجد أبو بكر ولقيه الشّيخ مولاهم صاحبه وراجع الطّاعة له، وارتحل في طلب أبي ضربة وجموعه، فخرج إلى أبي بكر العمّال والمشيخة وبايعوه، فارتحل راجعا عن طلب أبي ضربة إلى حضرة تونس (١٦٣).

ولما ورد (١٦٤) على ابن اللحياني بقابس خبر ما وقع بتونس وأن أبا بكر هزم ولده، ورأى أمورا تفاقمت خرج من قابس إلى طرابلس، وبنى بها موضعا لجلوسه يقال له الطّارمة، بناه بالزّليج والرّخام، وجبى أموال عمل طرابلس، ثم سرّح ذلك الجيش لنصرة ولده صحبة صاحبه أبي زكرياء بن يعقوب ووزيره ابن ياسين (١٦٥) بالأموال ففرقها في العرب، وزحفوا بهم إلى القيروان مع الأمير أبي ضربة فخرج أبو بكر فهزمهم، ونجا أبو ضربة إلى المهدية فامتنع بها، ولحق الحاجب المذكور وبعض الفلّ - أي المنهزمين - بالسّلطان ابن اللحياني بطرابلس، فأرسل إلى النّصارى، وطلب منهم عمارة ستة أجفان، فوردت عليه وطلع بولده وأهله وماله وحاجبه ابن يعقوب، وترك صهره أبا عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي عمران من قرابته / حافظا لطرابلس، وسافر هو في الأجفان إلى الإسكندرية فنزل بها على السّلطان محمد بن قلاوون، فاستقدمه إلى مصر فعظم مقدمه واهتز للقائه، وأسنى جائزته واقطاعه إلى أن هلك سنة ثمان وعشرين وسبعمائة (١٦٦)، وكانت خلافته بتونس ستة أعوام وأربعة أشهر.

ثم إن محمدا أبا ضربة بعد ما حصل بالمهدية أدرك وقتل في ربيع الآخر من سنة ثمان عشرة وسبعمائة (١٦٧)، فكانت خلافته بتونس تسعة أشهر ونصفا (١٦٨).


(١٦٢) أفريل ١٣١٨ م.
(١٦٣) تاريخ الدولتين ص: ٦٦.
(١٦٤) تاريخ الدولتين ص: ٦٥.
(١٦٥) في الأصول: «ياسمين» والتصويب من تاريخ الدولتين.
(١٦٦) ١٣٢٧ - ١٣٢٨ م.
(١٦٧) جوان ١٣١٨ م.
(١٦٨) عن دولة ابن اللحياني ومحمد أبي ضربة وانتصار أبي بكر عليه، أنظر تاريخ الدولتين ص: ٦٠ - ٦٦ فقد نقل المؤلف ما فيه مع زيادة يسيرة.