للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستصرخا بصاحبها، ودخل أبو فارس بونة، وأمن أهلها ومن وجد بها عن خدمة الأمير أبي عبد الله وخدمة أبيه، ثم قدم أبو بكر من قسنطينة، فسلّم عليه أبو فارس، ورحّب به، وعند وداعه اعتذر إليه بالعجز فقبل منه، وكتب أبو بكر خلع نفسه بيده في عشرين من رمضان من السنة المذكورة.

وفي السنة المذكورة بعث أهل قسنطينة إلى أبي فارس يستغيثونه من أخيه أبي بكر فجيش، وسار إلى صفاقس قاصدا صاحبها أخاه عمر، وكان والده تركه عاملا بها، فنزل بها أبو فارس، وحاصرها إلى أن تحدث معه أهلها، فدخلوا على الأمير عمر الحمّام، فقبضوا عليه وأتوا به إلى السّلطان أبي فارس، فملك البلد، وقدّم عليها عاملا من قبله، وقفل راجعا بمحلته إلى أن قرب من تونس، فجدّد حركة منها إلى قسنطينة، فحين أشرف عليها أظهر أخوه أبو بكر عصيانا وامتناعا من اللقاء مع تيقن الأمان، والمدبّر لذلك كاتبه، فنزلها أبو فارس خامس عشر شعبان من سنة ثمان وتسعين وسبعمائة (٣٣٣)، وقرر ما عنده / من الخير لأخيه وشافهه من شاطئ الهواء (٣٣٤) بكلام دل على تصافيه، ودام الحصار مدة تزيد على عشرين يوما واسم أبي فارس لم يزل يذكر في قسنطينة على المنابر، ولم تتفق هذه القضية لمحاصر قبل هذا، وفعل أبو فارس ما لا يفعله محاصر من حفظ الجنّات والزّروع ودفع المضرّات عن جميع جهات البلد، ولما طال أمر الحصار نادى بعض من في السّور الفرار، وتوجّهت الإغاثة في ذلك، وانتظمت الكلمة من هنالك، ودخل بعض النّاس من سور الحبشية، ودخل السّلطان ومن تبعه من باب الحمّة ليلة الأحد ثامن عشر رمضان سنة ثمانمائة (٣٣٥)، وقبض على أخيه أبي بكر، وقتل كاتبه، وأقام أبو فارس نحو شهر حتى مهّد البلاد ثم رجع إلى تونس آخر شوال ورجع بأخويه أبي بكر وعمر معه.

وفي سنة اثنتين وثمانمائة (٣٣٦) خرج السّلطان واسترجع توزر من ابن يملول، ثم استرجع قفصة، وقبض على بني العابد شيوخها، وأمر بتخريب سورها، وعفا عن أهلها.

وفي أول سنة ثلاث وثمانمائة (٣٣٧) تحرّك السّلطان إلى طرابلس، فحاصرها طويلا ثم فتحها سادس رجب من السّنة المذكورة (٣٣٨).


(٣٣٣) ٢٤ ماي ١٣٩٦ م.
(٣٣٤) في الأصول: «الهوى».
(٣٣٥) ٤ جوان ١٣٩٨ م.
(٣٣٦) ١٣٩٩ - ١٤٠٠ م.
(٣٣٧) أوت ١٤٠٠ م.
(٣٣٨) ٢٠ فيفري ١٤٠١ م.