للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختيارهم على موضع يقابل القسطنطينية ويسمى بقاضي كولي، ويروى أنهم لما شرعوا في البناء في هذا المكان المذكور جاءت حيوانات على صور شتّى كالطيور والوحوش وما شاكلها وجعلت تخطف آلات البنائين ومكاتل (١٧٧) الفعلة ومعاول الحفّارين ودخلوا بها في البحر فاجتازوا إلى الجهة الغربية من البحر ليكشفوا أمر تلك الحيوانات فرأوا مكان القسطنطينية، وهي في غاية اللطافة، وكانت (١٧٨) إذ ذاك جزيرة خاليه مثلّثة الشّكل معروفة عند الأمم القديمة «سبت جبل» لسبع جبال كانت بها، وأوّل ما شرعوا في بناء الغلطة ويقال إن البحر من الجهة الغربية كان متّصلا من قبر أبي أيوب الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - إلى المرسى (١٧٩) الجنوبية، وكان موضع / البلد جزيرة مستقلّة تدور المراكب حولها، فاستصوب بعض الملوك ردم الجانب الغربي ليسهل إليها السّلوك فردم، ويقال إن هذه المدينة عمّرت ثلاث مرات وتهلك، أما المرّة الأولى فخلت بالزّلزلة، وأما الثانية فبالطّاعون، وأما الثّالثة فبالتّنين والحيّات (١٨٠) والثّعابين، فاصطنع لها طلسم لدفع ذلك، ولعلّه الموجود الآن من النحاس على شكل ثلاث حيات (١٨٠) بالمكان المعروف بآت ميدان، فزال ضررها، وعمرت في هذه المدّة الرّابعة الباقية إلى الآن، وهي من الإقليم الخامس، بينها وبين مكّة المشرّفة ألف وثلاثمائة ميل (وسبع وثمانون ميلا ونصف ميل) (١٨١)، وبنى بها كنيسة عظيمة وهي التي تعرف الآن أيا صوفيا (١٨٢)، وقيل بنيت في العمارة الثّالثة، ولمّا شرع في بنائها أرسل إلى ملوك الأطراف يجمع (١٨٣) ما يحتاج إليه البناء، وطلب العواميد، (وكان بحرّان العواميد) (١٨٤) وهي قرية من أعمال دمشق كانت بها كنيسة عظيمة الشأن يتعبد بها إبراهيم الخليل - عليه السّلام - فهدموها، وأرسلوا منها عشرة أعمدة، قيل إن مقطعها بجبل سرنديب فانقطع من الأرض بعد الطوفان لأن الحجارة قبله كانت كالطين، فقطع ما قطع منه ثم يبس، وبقيّة الأعمدة


(١٧٧) كذا في ش وت، وفي ط وب: «مكايل». مفرد مكتل وهو الزّنبيل يحمل فيه التّمر أو العنب وقيل هو شبه الزّنبيل يسع خمسة عشر صاعا. وفي حديث خيبر: «فخرجوا بمساحيهم ومكاتلهم» تاج العروس ٨/ ٩٤.
(١٧٨) في الأصول: «وكان».
(١٧٩) في ط وش: «مرساة»، وفي ت: «مرسات»، وفي ب: «المراشدة».
(١٨٠) في الأصول: «الحياة».
(١٨١) ما بين القوسين ساقط من ط.
(١٨٢) Sainte Sophie ، وفي الأصول: «آيا صوفية».
(١٨٣) في ط وب وت: «فجمع».
(١٨٤) ما بين القوسين ساقط من ت.